والضرب وما شاكلها مما يمتنع حملها على الذوات وإن اعتبر لا بشرط ألف مرة، فإن ماهية الحركة أو العلم بنفسها غير قابلة للحمل على الشئ. فلا يقال: " زيد علم أو حركة "، ومجرد اعتبارها لا بشرط بالإضافة إلى الطوارئ والعوارض الخارجية لا يوجب انقلابها عما كانت عليه، فاعتبار اللا بشرط وبشرط اللا من هذه الناحية على حد سواء، فالمطلق والمقيد من هذه الجهة سواء، وكلاهما آبيان عن الحمل، فما ذكروه من الفرق بين المشتق والمبدأ لا يرجع إلى معنى صحيح (1).
ولا يخفى أن ما ذكره ليس مرادا للفلاسفة من الكلمتين: " اللا بشرط وبشرط اللا " يقينا كما سيتضح ذلك. وعليه فما أورده (قدس سره) عليهم في غير محله.
وقال المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في مقام الفرق بينهما ما هذا لفظه: (الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوما: أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدأ، ولا يعصي عن الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد، بخلاف المبدأ فإنه بمعناه يأبى عن ذلك، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو، وملاك الحمل والجري إنما هو نحو من الاتحاد والهوهوية، والى هذا المعنى يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما) (2).
أقول: ظاهر عبارته (قدس سره): أن الفرق بينهما ذاتي، بمعنى: أن مفهوم المشتق سنخ مفهوم يكون في حد ذاته لا بشرط فلا يأبى عن الحمل. ومفهوم المبدأ سنخ مفهوم يكون في حد ذاته بشرط لا فيأبى عن الحمل، لا أن هنا مفهوما واحدا يلحظ تارة لا بشرط، واخرى بشرط لا ليكون الفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ.
ويرد عليه: أن هذا لا يختص بالمشتق ومبدئه، بل هو فارق بين كل مفهوم آب عن الحمل، وما لم يأب عن ذلك، بل إن هذا من الواضحات الأولية، ضرورة أن كل شئ إذا كان بمفهومه آبيا عن الحمل فهو لا محالة كان بشرط لا. وكل شئ