الأول: في تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة فقط.
الثاني: في تصويره بين الأعم من الصحيحة والفاسدة.
أما الكلام في المقام الأول: فقد ذهب المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) إلى أن وجود الجامع بين الأفراد الصحيحة مما لا بد منه، وقد استدل على ذلك بقاعدة فلسفية، وهي: " أن الواحد لا يصدر إلا من الواحد "، إذ لا بد من السنخية بين العلة ومعلولها، والواحد بما هو واحد لا يعقل مسانخته للكثير بما هو كثير. إذا لا بد من الالتزام بأن العلة هو الجامع بين الكثير وهو أمر واحد.
ثم طبق (قدس سره) هذه القاعدة على المقام بتقريب: أن الأفراد الصحيحة من الصلاة - مثلا - تشترك جميعها في أثر وحداني، وهو: النهي عن الفحشاء والمنكر بمقتضى قوله تعالى: * (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * (1). كما هي تشترك في أنها " عماد الدين " (2)، و " معراج المؤمن "، كما في عدة من الروايات (3). ولا يعقل أن يكون المؤثر في ذلك الأثر الوحداني جميع الأفراد الصحيحة على كثرتها، لما عرفت من أن الواحد لا يسانخ الكثير، فلا محالة يستكشف كشفا قطعيا عن وجود جامع وحداني بين تلك الأفراد الصحيحة يكون هو المؤثر في ذلك الأثر الوحداني.
ومن هنا قال (قدس سره): إن تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة بمكان من الإمكان، بل هو ضروري دون الأعم، لعدم تحقق صغرى هذه القاعدة على قول الأعمي، وبدونها لا طريق لنا إلى كشف الجامع من ناحية أخرى (4).
ولكن لا يخفى ما فيما أفاده (قدس سره)، بل لم يكن يترقب صدوره عنه، وذلك