وجعله آلة لإحضار معناه في الذهن عند إرادة تفهيمه فلا موجب لجعل العلقة الوضعية واعتبارها على الإطلاق، حتى في اللفظ الصادر عن لافظ من (1) غير شاعر:
كالنائم والمجنون ونحوهما، فإن اعتباره في أمثال هذه الموارد من اللغو الظاهر.
وإن شئت فقل: حيث إن الغرض الباعث على الوضع هو إبراز المقاصد والأغراض خارجا فلا محالة لا يزيد سعة الوضع عن سعة ذلك الغرض، فإنه أمر جعلي واختياره بيد الجاعل، فله تقييده بما شاء من القيود إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وبما أن الغرض في المقام قصد التفهيم فلا محالة تختص العلقة الوضعية بصورة إرادة التفهيم.
ودعوى مصادمة حصر الدلالة الوضعية بالدلالة التصديقية للبداهة من جهة أن الانتقال إلى المعنى من سماع اللفظ ضروري مدفوعة بما عرفت من: أن ذلك الانتقال إنما هو من ناحية الانس الحاصل من كثرة الاستعمال أو نحو ذلك، لا من ناحية الوضع، فالانتقال عادي لا وضعي.
فالنتيجة: هي انحصار الدلالة الوضعية بالدلالة التصديقية على جميع المسالك والآراء في تفسير حقيقة الوضع، من دون فرق في المسألة بين رأينا وسائر الآراء.
نعم، الفرق بينهما في نقطة واحدة، وهي: أن ذلك الانحصار حتمي على القول بالتعهد، دون غيره من الأقوال.
ولا يخفى أن مراد العلمين المحقق الطوسي (قدس سره) والشيخ الرئيس مما حكي عنهما: من أن الدلالة تتبع الإرادة هو ما ذكرناه: من أن العلقة الوضعية مختصة بصورة إرادة تفهيم المعنى، وليس مرادهما من ذلك أخذ الإرادة التفهيمية في المعنى الموضوع له لكي يرد عليه ما اورد، فالألفاظ من جهة وضعها تدل على إرادة اللافظ بها تفهيم معانيها، كما هو صريح كلامهما في بحث الدلالات (2). وعليه