والأعمي في أخذ الصحة الفعلية في المسمى وعدم أخذها فيه، فإنه على الصحيحي لا بد من تقييده بعنوان خاص كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر، أو نحوه مما هو مؤثر في حصول الغرض.
ولكن، قد تقدم (1): أنه لا يعقل أخذها في المأمور به، فضلا عن أخذها في المسمى، فلا تكون الصحة بهذا المعنى موردا للنزاع، فإن النزاع - كما عرفت (2) مرارا - إنما هو في الصحة بمعنى التمامية، ومن المعلوم أنها ليست شيئا آخر وراء نفس الأجزاء والشرائط بالأسر. ولا هي موضوع للآثار، ولا مؤثرة في حصول الغرض، وعليه فلا حاجة إلى تقييد المسمى بعنوان بسيط خارج عنهما.
ومن هنا يظهر: أن هذه المسألة ليست من المسائل الأصولية، والوجه في ذلك: هو ما حققناه (3) في أول الكتاب في مقام الفرق بين المسائل الأصولية ومسائل بقية العلوم من أن كل مسألة أصولية ترتكز على ركيزتين أساسيتين:
الركيزة الأولى: أن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلي الإلهي، وبهذه الركيزة امتازت المسائل الأصولية عن القواعد الفقهية بأجمعها على بيان تقدم.
الركيزة الثانية: أن يكون وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها، أي بلا ضم كبرى أو صغرى أصولية أخرى إليها، وبهذه الركيزة امتازت عن مسائل سائر العلوم الدخيلة في الاستنباط: من النحو، والصرف، والرجال، والمنطق، واللغة، ونحو ذلك، فإن مسائل هذه العلوم وإن كانت دخيلة في الاستنباط إلا أنها ليست بحيث لو انضم إليها صغرياتها أنتجت نتيجة فقهية.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر: أن هذه المسألة ليست من المسائل الأصولية،