وعدتا من مسائله. هذا تمام الكلام في الركيزة الأولى.
الركيزة الثانية: أن يكون وقوعها في طريق الحكم بنفسها، من دون حاجة إلى ضم كبرى أصولية أخرى. وعليه، فالمسألة الأصولية هي المسألة التي تتصف بذلك.
ثم إن النكتة في اعتبار ذلك في تعريف علم الأصول أيضا: هي أن لا تدخل فيه مسائل غيره من العلوم، كعلم النحو والصرف واللغة والرجال والمنطق ونحوها، فإنها وإن كانت دخيلة في استنباط الأحكام الشرعية واستنتاجها من الأدلة - فإن فهم الحكم الشرعي منها يتوقف على علم النحو ومعرفة قوانينه من حيث الإعراب والبناء. وعلى علم الصرف ومعرفة أحكامه من حيث الصحة والاعتلال. وعلى علم اللغة من حيث معرفة معاني الألفاظ وما تستعمل فيه.
وعلى علم الرجال من ناحية تنقيح أسانيد الأحاديث وتمييز صحيحها عن سقيمها، وجيدها عن رديئها. وعلى علم المنطق لمعرفة صحة الدليل وسقمه.
ولكن كل ذلك بالمقدار اللازم في الاستنباط لا بنحو الإحاطة التامة. فلو لم يكن الإنسان عارفا بهذه العلوم كذلك أو كان عارفا ببعضها دون بعضها الآخر لم يقدر على الاستنباط - إلا أن وقوعها ودخلها فيه لا يكون بنفسها وبالاستقلال، بل لابد من ضم كبرى أصولية، وبدونه لا تنتج نتيجة شرعية أصلا، ضرورة أنه لا يترتب أثر شرعي على وثاقة الراوي ما لم ينضم إليها كبرى أصولية، وهي حجية الرواية، وهكذا...
وبذلك قد امتازت المسائل الأصولية عن مسائل سائر العلوم، فإن مسائل سائر العلوم وإن كانت تقع في طريق الاستنباط - كما عرفت - إلا أنها لا بنفسها، بل لابد من ضم كبرى أصولية إليها. وهذا بخلاف المسائل الأصولية، فإنها كبريات لو انضمت إليها صغرياتها لاستنتجت نتيجة فقهية من دون حاجة إلى ضم كبرى