يكشف عن أنه موضوع بإزاء المعظم على الكيفية التي تقدمت.
مثلا: لفظ " الماء " في لغة العرب موضوع لمعنى في الواقع، ولكن الكاشف في مقام الإثبات عن مقدار سعته أو ضيقه لا يكون إلا الصدق العرفي، فلو رأينا إطلاق العرف لفظ " الماء " على ماء الكبريت نستكشف عن أنه موضوع لمعنى وسيع في الواقع.
وعلى الجملة: فالمتبع في إثبات سعة المعنى أو ضيقه إنما هو فهم العرف، والصدق عندهم دليل على سعة المعنى بالقياس إلى ذلك المورد، كما أن عدم الصدق دليل على عدم السعة.
تتلخص نتيجة جميع ما ذكرناه لحد الآن في خطوط:
الخط الأول: فساد توهم الاشتراك في وضع ألفاظ العبادات كما سبق.
الخط الثاني: فساد توهم كون الوضع فيها عاما والموضوع له خاصا.
الخط الثالث: عدم إمكان تصوير جامع ذاتي مقولي على القول بالصحيح.
الخط الرابع: إمكان تصوير جامع عنواني على هذا القول، إلا أنه ليس بموضوع له كما عرفت.
الخط الخامس: جواز تصوير جامع ذاتي بين الأعم من الصحيحة والفاسدة.
فالنتيجة على ضوء هذه الخطوط الخمس قد أصبحت: أن ألفاظ العبادات - كالصلاة ونحوها - موضوعة للجامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة، لا لخصوص الجامع بين الأفراد الصحيحة.
ومن هنا لا مجال للنزاع في مقام الإثبات عن أن الألفاظ موضوعة للصحيح أو للأعم، فإن النزاع في هذا المقام متفرع على إمكان تصوير الجامع على كلا القولين معا، فإذا لم يمكن تصويره إلا على أحدهما فلا مجال له أصلا، إذا لا بد من الالتزام بالقول بالأعم ولا مناص عنه، هذا من ناحية.