وأجاب عنه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بوجهين:
الأول: أن إمكان التفهيم والتفهم من اللفظ المشترك بواسطة القرائن الواضحة الدالة على المقصود من الواضحات، فإن اللفظ قد يدل على المقصود بنفسه، وقد يدل عليه بواسطة القرائن، فاللفظ المشترك وإن لم يدل عليه بنفسه ولكنه يدل عليه بواسطة ضم قرينة إليه، فلا يكون مخلا بغرض الوضع.
نعم، لو كان الاشتراك علة تامة للإخلال والإجمال بحيث لا يمكن الإفادة والاستفادة معه مطلقا لتم ما أفاده القائل، إلا أن الأمر ليس كذلك.
الثاني: أنا نمنع كون الاشتراك يوجب الإخلال بغرض الوضع، فإن الغرض كما يتعلق بالتفهيم والتفهم كذلك قد يتعلق بالإهمال والإجمال، فيلتجئ الواضع إلى الاشتراك لتحصيل هذا الغرض (1).
التحقيق: أن ما أفاده (قدس سره) من إمكان الاشتراك وأنه لا يمتنع ولا يجب وإن كان صحيحا إلا أنه إنما يتم على مسلك القوم في تفسير الوضع، فإنه على مسلك من يرى أن حقيقة الوضع عبارة:
1 - عن اعتبار الواضع وجعله الملازمة بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له.
2 - أو جعله وجود اللفظ وجودا للمعنى تنزيلا.
3 - أو جعله اللفظ على المعنى في عالم الاعتبار، فلا مانع من الاشتراك وتعدد الجعل، إذ الاعتبار خفيف المؤنة، ولا محذور في تعدده في اللفظ الواحد أصلا.
وأما على ما نراه: من أن حقيقة الوضع التعهد والالتزام النفساني فلا يمكن الاشتراك بالمعنى المشهور، وهو تعدد الوضع على نحو الاستقلال في اللفظ الواحد.