عنه المبدأ لا محالة.
الأمر الرابع: أن المراد من الحال المأخوذ في عنوان المسألة ليس زمن النطق يقينا، ضرورة عدم دلالة الأوصاف المشتقة عليه، ولا على غيره من الماضي أو المستقبل، لا بنحو الجزئية ولا بنحو القيدية، فحالها من هذه الجهة كحال أسماء الأجناس، فكما أنها لا تدل على زمان خاص فكذلك تلك.
ومن هنا لا تجوز في قولنا: " زيد كان قائما بالأمس " أو " زيد سيكون ضاربا " ونحو ذلك. كما أنه لا تجوز في قولنا: " زيد كان إنسانا " أو " سيكون ترابا " إلى غير ذلك، فلو كان زمن النطق داخلا في مفهومها لزم التجوز في هذه الأمثلة لا محالة.
وكذا لا دلالة فيها على أحد الأزمنة الثلاثة أيضا، وذلك لأن تلك الأوصاف كما تستند إلى الزمانيات كذلك تستند إلى نفس الزمان والى ما فوقه من المجردات، مع أنه لا يعقل أن يكون للزمان زمان، وكذا للمجردات، والإسناد في الجميع على نسق واحد، ولو كان خصوص زمان أو أحد الأزمنة داخلا في مفهومها لكان إسنادها إلى نفس الزمان وما فوقه محتاجا إلى لحاظ عناية وتجريد.
نعم، إذا أسندت إلى الزمانيات تدل على أن تلبس الذات بالمبدأ واقع في أحد الأزمنة، وهذا لا من جهة أن الزمان مأخوذ في مفهومها جزءا أو قيدا، بل من جهة أن قيام الفعل بالفاعل الزماني لا يكون إلا في الزمان، فوقوعه في أحد الأزمنة مما لا بد منه.
ومن هنا يظهر أن المراد من الحال ليس زمن النطق والتكلم ولا أحد الأزمنة الثلاثة، بل المراد منه: فعلية تلبس الذات بالمبدأ، إذا مرجع النزاع إلى سعة المفاهيم الاشتقاقية وضيقها، بمعنى: أن المشتقات هل هي موضوعة للمفاهيم التي مطابقها في الخارج خصوص الذات حال تلبسها بالمبدأ، أو الأعم من ذلك ومن