إذا لم يكن بمفهومه آبيا عنه فهو لا محالة كان لا بشرط. ومن الواضح أن الفلاسفة لم يريدوا بهاتين الكلمتين هذا المعنى الواضح الظاهر، فإنه غير قابل للبحث، ولا أن يناسبهم التصدي لبيانه كما لا يخفى.
فالصحيح أن يقال: إن مرادهم كما هو صريح كلماتهم: هو أن ماهية العرض والعرضي " المبدأ والمشتق " واحدة بالذات والحقيقة، والفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ من جهة أن لماهية العرض في عالم العين حيثيتين واقعيتين: إحداهما حيثية وجوده في نفسه، واخرى حيثية وجوده لموضوعه.
فهي تارة تلاحظ من الحيثية الأولى وبما هي موجودة في حيالها واستقلالها، وأنها شئ من الأشياء في قبال وجودات موضوعاتها، فهي بهذا اللحاظ والاعتبار عرض ومبدأ بشرط لا، وغير محمول على موضوعه لمباينته معه، وملاك الحمل الاتحاد في الوجود.
وتارة أخرى تلاحظ بما هي في الواقع ونفس الأمر، وأن وجودها في نفسه عين وجودها لموضوعها، وأن وجودها ظهور الشئ، وطور من أطواره، ومرتبة من وجوده، وظهور الشئ لا يبان، فهي بهذا الاعتبار عرضي ومشتق لا بشرط، فيصح حملها عليه.
وبعين هذا البيان قد جروا في مقام الفرق بين الجنس والمادة، والفصل والصورة، حيث قالوا: إن التركيب بين المادة والصورة تركيب اتحادي لا انضمامي، وهما موجودتان في الخارج بوجود واحد حقيقة، وهو وجود النوع كالإنسان ونحوه، فإن المركبات الحقيقية لا بد لها من جهة وحدة حقيقية، وإلا لكان التركيب انضماميا. ومن الظاهر أن الوحدة الحقيقية لا تحصل إلا إذا كان أحد الجزءين قوة صرفة والآخر فعلية محضة، فإن الاتحاد الحقيقي بين جزءين فعليين أو جزءين كليهما بالقوة غير معقول، لإباء كل فعلية عن فعلية أخرى، وكذا كل قوة عن قوة أخرى، ولذلك صح حمل كل من الجنس على الفصل وبالعكس،