وفي تقريرات بعض الأعاظم (قدس سرهم) بيان آخر لتصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة، وملخصه: هو أن الجامع لا ينحصر بالجامع المقولي، ولا بالجامع العنواني، بل هنا جامع ثالث، وهو: المرتبة الخاصة من الوجود الساري، فإن الصلاة - مثلا - مركبة من مقولات متباينات، وتلك المقولات وإن لم تندرج تحت جامع مقولي حقيقي إلا أنها مندرجة تحت مرتبة خاصة من الوجود الساري إليها، وتلك المرتبة الخاصة البسيطة وجود سار إلى جملة من المقولات، ومحدود من ناحية القلة بالأركان على سعتها. وأما من ناحية الزيادة فهو لا بشرط، وهذه جهة جامعة بين جميع الأفراد الصحيحة. فالصلاة: عبارة عن تلك المرتبة الخاصة من الوجود، وعلى هذا كانت الصلاة أمرا بسيطا خاصا يصدق على القليل والكثير، والقوي والضعيف (1)... وهكذا.
ويرده أو لا: أنه لا ريب في أن لكل مقولة من المقولات وجودا في نفسه في عالم العين، فكما أنه لا يعقل أن يكون بين مقولتين أو ما زاد جامع مقولي واحد بأن تندرجا تحت ذلك الجامع فكذلك لا يعقل أن يكون لهما وجود واحد في الخارج، ضرورة استحالة اتحاد مقولة مع مقولة أخرى في الوجود.
وعلى الجملة: فكل مركب اعتباري عبارة عن نفس الأجزاء بالأسر، فالوحدة بين أجزائه وحدة اعتبارية، ومن الضروري أنه ليس لمجموع تلك الأجزاء المتباينة بالذات والحقيقة حصة خاصة من الوجود حقيقة سارية إليها، فالصلاة - مثلا - مركبة من مقولات متباينة: كمقولة الوضع والكيف ونحوهما، وليست تلك المقولات مشتركة في مرتبة خاصة بسيطة من الوجود لتكون وجودا للجميع.
وعلى ذلك: فإنه (قدس سره) إن أراد به اشتراك تلك المقولات في مفهوم الوجود فهو لا يختص بها، بل يعم جميع الأشياء. وإن أراد به اشتراكها في حقيقة الوجود