اعتباري. ومن الواضح أنه لا يكاد يمكن أن يكون الوضع أمرا يغفل عنه الخواص فضلا عن العوام.
وثانيا: أن وضع اللفظ ليس من سنخ الوضع الحقيقي: كوضع العلم على رأس الفرسخ.
والوجه في ذلك: هو أن وضع العلم يتقوم بثلاثة أركان:
الركن الأول: الموضوع، وهو العلم.
الركن الثاني: الموضوع عليه، وهو ذات المكان.
الركن الثالث: الموضوع له، وهو الدلالة على كون المكان رأس الفرسخ.
وهذا بخلاف الوضع في باب الألفاظ فإنه يتقوم بركنين:
الأول: الموضوع، وهو اللفظ.
الثاني: الموضوع له، وهو دلالته على معناه، ولا يحتاج إلى شئ ثالث ليكون ذلك الثالث هو الموضوع عليه، وإطلاقه على المعنى الموضوع له لو لم يكن من الأغلاط الظاهرة فلا أقل من أنه لم يعهد في الإطلاقات المتعارفة والاستعمالات الشائعة، مع أن لازم ما أفاده (قدس سره): هو أن يكون المعنى هو الموضوع عليه.
ويتلخص نتيجة ما ذكرناه إلى الآن في خطوط ثلاثة:
الخط الأول: بطلان الدلالة الذاتية، وأنها وضعية محضة.
الخط الثاني: فساد كون حقيقة الوضع حقيقة واقعية.
الخط الثالث: بطلان تفسير الوضع بكل واحد من التفسيرات الثلاثة المتقدمة، فالنتيجة على ضوئها: هي أن حقيقة الوضع ليست إلا عبارة عن التعهد والالتزام النفساني. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: يرشد إلى ذلك: الغرض الباعث على الوضع، بل الرجوع إلى الوجدان والتأمل فيه أقوى شاهد عليه.
وبيان ذلك: أن الإنسان بما أنه مدني بالطبع يحتاج في تنظيم حياته - المادية