وقد برهن في محله: أنه لا يعقل وجود جامع ذاتي بين المقولات: كالجواهر والأعراض، لأنها أجناس عالية ومتباينات بتمام الذات والحقيقة، فلا اشتراك أصلا بين مقولة الجوهر مع شئ من المقولات العرضية، ولا بين كل واحدة منها مع الأخرى. وإذا لم يعقل تحقق جامع مقولي بينها فكيف بين الوجود والعدم؟!
وملخص ما ذكرناه أمران:
الأول: أنه لا دليل على اقتضاء كل علم وجود الموضوع، بل سبق أن حقيقة العلم عبارة عن " جملة من القضايا والقواعد المختلفة بحسب الموضوع والمحمول، التي يجمعها الاشتراك في الدخل في غرض واحد دعا إلى تدوينها علما ".
الثاني: أن البرهان قد قام على عدم إمكان وجود جامع مقولي بين موضوعات مسائل بعض العلوم: كعلم الفقه والأصول.
وأما الكلام في الجهة الثانية: فتفصيل القول فيها يحتاج إلى تقديم مقدمة، وهي: أن المشهور قد قسموا العوارض على سبعة أقسام، فإن العارض على الشئ: إما أن يعرض ذلك الشئ ويتصف المعروض به بلا توسط أمر آخر:
كإدراك الكليات العارض للعقل، أو بواسطة أمر آخر مساو للمعروض: كصفة الضحك العارضة للإنسان بواسطة أمر مساو له، وهو صفة التعجب، أو هذه الصفة عارضة له بواسطة ما هو مساو له، وهو صفة الإدراك. (هذا في الواسطة المساوية الخارجة عن ذات ذيها بأن لا تكون جزءه).
وقد يعرض على شئ بواسطة جزئه الداخلي المساوي له في الصدق:
كعروض عوارض الفصل على النوع مثل: عروض النطق على الإنسان بواسطة النفس الناطقة، أو بواسطة أمر أخص: كعروض عوارض النوع أو الفصل على الجنس كما هو الحال في أكثر مسائل العلوم، فإن نسبة موضوعات مسائلها إلى موضوعات العلوم نسبة الأنواع إلى الأجناس، فعروض عوارضها لها من