والأفعال جميعا خارجة عن محل النزاع، لأنها غير جارية على الذوات.
أما المصادر فلأنها وضعت للدلالة على المبادئ التي تغاير الذوات خارجا، فلا تقبل الحمل عليها (1).
وأما الأفعال فلأنها وضعت للدلالة على نسبة المادة إلى الذات على أنحائها المختلفة باختلاف الأفعال، فالفعل الماضي يدل على تحقق نسبة المبدأ إلى الذات، والفعل المضارع يدل على ترقب وقوع تلك النسبة، وفعل الأمر يدل على طلب تلك النسبة. ومن المعلوم أن معانيها هذه تأبى عن الحمل على الذوات.
ثم إن المشهور بين النحويين دلالة الأفعال على الزمان، وقالوا: إن الفعل الماضي يدل على تحقق المبدأ في الزمن السابق على التكلم، والمضارع يدل على تحققه في الزمن المستقبل أو الحال، وصيغة الأمر تدل على الطلب في الزمان الحال، ومن هنا قد زادوا في حد الفعل الاقتران بأحد الأزمنة الثلاثة، دون الاسم والحرف.
ولكن الصحيح: عدم دلالتها على الزمان، والوجه في ذلك: هو أن كون الزمان جزءا لمدلول الأفعال باطل يقينا، لأنها لا تدل عليه لا مادة ولا هيئة. أما بحسب المادة فظاهر، لأنها لا تدل إلا على نفس الطبيعة المهملة غير مأخوذة فيها أية خصوصية فضلا عن الزمان. وأما بحسب الهيئة فقد تقدم: أن مفادها نسبة المادة إلى الذات على نحو من أنحاء النسبة، فالزمان أجنبي عن مفاد الفعل مادة وهيئة.
والحاصل: أن احتمال كون الزمان جزءا لمدلول الفعل فاسد في نفسه، والقائلون بدلالته على الزمان لم يريدوا ذلك يقينا.
وأما احتمال كون الزمان قيدا لمداليل الأفعال بأن يكون معنى الفعل مقيدا به