تخصص مدخولها بخصوصية ما في عالم المعنى على نسق واحد بلا عناية في شئ منها، وبلا لحاظ أية نسبة في الخارج حتى بمفاد " كان التامة "، فإن تحقق النسبة بمفاد " كان التامة " إنما هو بين ماهية ووجودها كقولك: " زيد موجود ".
وأما في الواجب تعالى وصفاته وفي الانتزاعيات والاعتبارات فلا يعقل فيها تحقق أية نسبة أصلا.
فالمتحصل مما ذكرناه: هو أن صحة استعمال الحروف في موارد يستحيل فيها ثبوت أية نسبة خارجية كما في صفات الواجب تعالى وغيرها من دون لحاظ أية علاقة تكشف كشفا يقينيا عن أن الحروف لم توضع لأنحاء النسب والروابط في الخارج.
ومن هنا يظهر: أن حكمة الوضع لا تدعو إلى وضع الحروف لتلك النسب، وإنما تدعو إلى وضعها لما يصح استعمالها فيه في جميع الموارد. فهذا القول لو تم فإنما يتم في خصوص الجواهر والأعراض، وما يمكن فيه تحقق النسبة بمفاد " هل البسيطة "، وأما في غير تلك الموارد فلا.
القول الخامس: ما عن بعض الأعاظم (قدس سرهم): من أن الحروف والأدوات وضعت للأعراض النسبية الإضافية، كمقولة: الأين والإضافة ونحوهما. وملخص ما أفاده (قدس سره): هو أن الموجود في الخارج على أنحاء ثلاثة:
النحو الأول: ما يكون وجوده وجودا لنفسه: كالجوهر بأصنافه.
النحو الثاني: ما يكون وجوده في نفسه وجودا لغيره: كالأعراض التسع التي قد يعبر عن وجودها بالوجود الرابطي، وهي على طائفتين:
إحداهما: ما يحتاج في تحققه إلى موضوع واحد في الخارج ويستغنى به:
كالكم والكيف ونحوهما.
والثانية: ما يحتاج في تحققه إلى موضوعين ليتقوم بهما: كالعرض الأيني والإضافي وغير ذلك.