وبيان ذلك: أن الحروف والأدوات تباين الأسماء ذاتا وحقيقة، ولا اشتراك لهما في طبيعي معنى واحد. وقد تبين حكم هذه الناحية من مطاوي كلماتنا فيها، وأنه لا شبهة في تباين المعنى الاسمي والحرفي بالذات، فلا حاجة إلى الإعادة والبيان.
ونتكلم فيها فعلا من ناحية أخرى بعد الفراغ عن تلك الناحية، وهي: أن المعاني الحرفية التي تباين الاسمية بتمام الذات ما هي؟
فنقول: إن الحروف على قسمين:
أحدهما: ما يدخل على المركبات الناقصة والمعاني الأفرادية: ك " من " و " إلى " و " على " ونحوها.
والثاني: ما يدخل على المركبات التامة ومفاد الجملة: كحروف النداء والتشبيه والتمني والترجي وغير ذلك.
أما القسم الأول: فهو موضوع لتضييق المفاهيم الاسمية في عالم المفهوم والمعنى وتقييدها بقيود خارجة عن حقائقها، ومع هذا لأنظر لها إلى النسب والروابط الخارجية، ولا إلى الأعراض النسبية الإضافية، فإن التخصيص والتضييق إنما هو في نفس المعنى، سواء أكان موجودا في الخارج أم لم يكن.
توضيح ذلك: أن المفاهيم الاسمية بكليتها وجزئيتها وعمومها وخصوصها قابلة للتقسيمات إلى غير النهاية باعتبار الحصص أو الحالات التي تحتها، ولها إطلاق وسعة بالقياس إلى هذه الحصص أو الحالات، سواء أكان الإطلاق بالقياس إلى الحصص المنوعة: كإطلاق الحيوان - مثلا - بالإضافة إلى أنواعه التي تحته، أو بالقياس إلى الحصص المصنفة أو المشخصة: كإطلاق الإنسان بالنسبة إلى أصنافه أو أفراده، أو بالقياس إلى حالات شخص واحد من كمه وكيفه وسائر أعراضه الطارئة وصفاته المتبادلة على مر الزمن.
ومن البديهي أن غرض المتكلم في مقام التفهيم والإفادة كما يتعلق بتفهيم