صغريات كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، وذلك لأن تعلق التكليف في المقام بالطبيعي الجامع بين المطلق والمقيد معلوم لنا تفصيلا، وهو الماهية المهملة العارية عن جميع الخصوصيات. وإنما هو شكنا في تعلقه به على نحو الإطلاق، بمعنى: عدم تقييده بشئ لا جزءا ولا شرطا، أو على نحو التقييد به بأحد النحوين المزبورين، فحينئذ إن قلنا بانحلال العلم الإجمالي في تلك المسألة والرجوع إلى البراءة عن التكليف الزائد عن المقدار المعلوم - كما هو كذلك - فنقول هنا أيضا بالانحلال والرجوع إلى البراءة عن التقييد الزائد. وأما لو قلنا بعدم انحلال العلم الإجمالي في تلك المسألة فلا بد من الاحتياط والرجوع إلى قاعدة الاشتغال، وعلى ذلك فلا ملازمة بين قول الأعمي والرجوع إلى البراءة.
وأما على الصحيحي: فإن قلنا بأن متعلق التكليف عنوان بسيط وخارج عن الأجزاء والشرائط وإنما هي سبب لوجوده فلا محالة يكون الشك في جزئية شئ أو شرطيته شكا في المحصل فلا بد من القول بالاشتغال، إلا أن هذا مجرد فرض غير واقع في الخارج، بل إنه خلاف مفروض البحث، إذ المفروض: أن متعلق التكليف هو الجامع بين الأفراد الصحيحة، ونسبته إلى الأجزاء والشرائط نسبة الطبيعي إلى أفراده، أو نسبة العنوان إلى معنونه. وعلى كلا التقديرين فلا يكون المأمور به مغايرا في الوجود مع الأجزاء والشرائط ومسببا عنها.
وعلى الجملة: أن كلا من السبب والمسبب موجود في الخارج بوجود مستقل على حياله واستقلاله: كالقتل المسبب عن مقدمات خارجية، أو الطهارة الخبثية المسببة عن الغسل، بل الحدثية المسببة عن الوضوء والغسل والتيمم على قول، فإذا كان المأمور به أمرا بسيطا مسببا عن شئ آخر ومترتبا عليه وجودا فلا محالة يرجع الشك في جزئية شئ أو شرطيته، بالإضافة إلى سببه إلى الشك في المحصل، ولا إشكال في الرجوع معه إلى قاعدة الاشتغال في مورده.