خصوص هذه المسألة دون غيرها، وقد عرفت أن الإشكال المزبور غير منحصر فيها.
ولذلك عدل صاحب الكفاية (قدس سره) عن مسلك المشهور، وذهب إلى أن موضوع العلم: عبارة عن " جامع مقولي واحد بين موضوعات مسائله " (1). ولكن قد مر الكلام في هذا مفصلا، وذكرنا هناك: أنه لم يقم برهان على لزوم موضوع كذلك في العلوم، فضلا عن علم الأصول، بل سبق منا أنه لا يعقل وجود جامع ذاتي بين موضوعات مسائله، لتباينها تباينا ذاتيا.
ثم إن أبيت إلا أن يكون لكل علم موضوع ولو كان واحدا بالعنوان - كعنوان " الكلمة والكلام " في علم النحو، وعنواني: " المعلوم التصديقي والتصوري " في علم المنطق، وعنوان " فعل المكلف " في علم الفقه، وهكذا - فأقول: إن موضوع علم الأصول: " هو الجامع الذي ينتزع من مجموع مسائله المتباينة ": كعنوان ما تقع نتيجة البحث عنه في طريق الاستنباط، وتعيين الوظيفة في مقام العمل.
الأمر الرابع في الوضع ويقع الكلام فيه من جهات:
الجهة الأولى: في أن منشأ دلالة الألفاظ على المعاني هل هي المناسبة الذاتية بينهما لتصبح الدلالة ذاتية، أو الجعل والمواضعة لتصبح جعلية محضة؟
الجهة الثانية: في أن الواضع هل هو الله تبارك وتعالى أو البشر؟
الجهة الثالثة: في أن الوضع من الأمور الواقعية أو من الأمور الاعتبارية؟
الجهة الرابعة: في أقسام الوضع إمكانا مرة، ووقوعا مرة أخرى.
أما الجهة الأولى: فربما يقال فيها: إن دلالة الألفاظ على معانيها ناشئة عن