لأنه من لطفه وعنايته إلا أنه أمر آخر، غير أنه هو الواضع الحكيم.
وهذا الذي ذكرناه من دفع الإشكالين المتقدمين لا يفرق فيه بين مسلكنا ومسلك القوم في تفسير العلقة الوضعية، فإن تدريجية الوضع وعدم اختصاصه بشخص خاص لا تدع مجالا للإشكال المزبور، غاية الأمر: أنه بناء على مسلكنا كان كل مستعمل واضعا وإن كانت كلمة الواضع عند إطلاقها تنصرف إلى الواضع الأول إلا أنه من جهة الأسبقية، وهذا بخلاف غيره من المسالك كما لا يخفى.
فالمتحصل مما ذكرناه أمران:
الأول: أن الله تبارك وتعالى ليس هو الواضع الحكيم.
الثاني: أن الواضع لا ينحصر بشخص واحد أو جماعة معينين على جميع المسالك في تفسير حقيقة الوضع.
في حقيقة الوضع في حقيقة الوضع وأما الكلام في الجهة الثانية (1) - وهي: تعيين حقيقة الوضع -. فذهب بعض الأعاظم (2) (قدس سرهم) إلى أنها من الأمور الواقعية، لا بمعنى أنها من إحدى المقولات، ضرورة وضوح عدم كونها من مقولة الجوهر، لانحصارها في خمسة أقسام:
" العقل " " النفس " " الصورة " " المادة " " الجسم "، وهي ليست من إحداها.
وكذا عدم كونها من المقولات التسع العرضية أيضا، لأنها متقومة بالغير في الخارج، لاستحالة تحققها في العين بدون موضوع توجد فيه، فإن وجودها في نفسها عين وجودها لغيرها.
وهذا بخلاف حقيقة العلقة الوضعية، فإنها قائمة بطبيعي اللفظ والمعنى