وعلى ضوء ذلك قد ظهر الجواب عن الإيراد الثاني أيضا، فإن لفظ " الصلاة " موضوع لمعنى وسيع جامع لجميع مراتب الأركان على اختلافها كما وكيفا، وله عرض عريض، فباعتباره يصدق على الناقص والتام والقليل والكثير على نحو واحد، كصدق كلمة " الدار " على جميع أفرادها المختلفة زيادة ونقيصة كما وكيفا، إذا لا نحتاج إلى تصوير جامع بين الأركان ليعود الإشكال.
وبتعبير واضح: أن الأركان وإن كانت تختلف باختلاف حالات المكلفين - كما أفاده شيخنا الأستاذ (1) - (قدس سره) إلا أنه لا يضر بما ذكرناه: من أن لفظ " الصلاة " موضوع بإزاء الأركان بعرضها العريض، ولا يوجب علينا تصوير جامع بين مراتبها المتفاوتة فإنه موضوع لها كذلك على سبيل البدل، وقد عرفت: أنه لا مانع من أن يكون مقوم المركب الاعتباري أحد الأمور على سبيل البدل.
ومن ذلك يتبين: أن ما ذكرناه غير مبني على جواز التشكيك في الماهية أو في الوجود، فإنه سواء أقلنا به في الماهية أو الوجود أم لم نقل فما ذكرناه أمر على طبق المرتكزات العرفية في أكثر المركبات الاعتبارية.
وأما ما أفاده (2) (قدس سره): من أن إدراك التشكيك في الوجود أمر فوق إدراك البشر فلا يعلم إلا بالكشف والمجاهدة، ففساده غني عن البيان، كما لا يخفى على أهله.
وبما ذكرناه يظهر فساد الإيراد الثالث أيضا، وذلك لأن الأركان قد يصدق عليها الصلاة الصحيحة فكيف يمنع عن صدق الصلاة عليها حتى على الأعم؟ فلو كبر المصلي (3) ونسي جميع الأجزاء والشرائط غير الأركان والوقت والقبلة حتى فرغ منها يحكم بصحة صلاته بلا إشكال، ولم يستشكل في ذلك أحد من الفقهاء.