اعتبار شئ زائد على المسمى لا محالة.
السادس: أن الجامع لا بد من أن يكون أمرا عرفيا، وما ذكره من الجامع على تقدير تسليم وجوده والإغماض عن جميع ما ذكرناه لا يكون معنى عرفيا حتى يكون مسمى بلفظ " الصلاة " وموردا للخطاب، ضرورة أن اللفظ لا يوضع لمعنى خارج عن المتفاهم العرفي، ولا يكون مثله متعلقا للخطاب الشرعي، فإن الخطابات الشرعية كلها منزلة على طبق المفاهيم العرفية، فلو فرض معنى يكون خارجا عن الفهم العرفي لم يقع موردا للخطاب الشرعي أو العرفي، ولا يوضع اللفظ بإزائه. وحيث إن الجامع في المقام ليس أمرا عرفيا فلا يكون مسمى بلفظ " الصلاة " مثلا، ضرورة أن محل كلامنا ليس في تصوير جامع كيف ما كان، بل في تصوير جامع عرفي يقع تحت الخطاب، لا في جامع عقلي بسيط يكون خارجا عن متفاهم العرف.
وبتعبير آخر: أن المصلحة الداعية إلى وضع الألفاظ إنما هي الدلالة على قصد المتكلم تفهيم معنى ما، فتلك المصلحة إنما دعت إلى وضعها للمعاني التي يفهمها أهل العرف والمحاورة، وأما ما كان خارجا عن دائرة فهمهم فلا مصلحة تدعو إلى وضع اللفظ بإزائه، بل كان الوضع بإزائه لغوا محضا لا يصدر من الواضع الحكيم.
ولما لم يكن الجامع الذي فرضه بين الأفراد الصحيحة جامعا عرفيا - فإن كثيرا من الناس لا يعلم بتأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر، فضلا عن العلم بكشفه عن جامع ذاتي مقولي - لم يكن ذلك الجامع موضوعا له لمثل كلمة " الصلاة " ونحوها، بل المتفاهم منها عرفا في مثل قولنا: فلان " صلى " أو " يصلي " أو نحو ذلك غير ذلك الجامع.
فالنتيجة من جميع ما ذكرناه: أن تصوير جامع ذاتي مقولي بين الأفراد الصحيحة غير معقول. وأما تصوير جامع عنواني بينها فهو إن كان ممكنا، كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر أو نحوه، إلا أن لفظ " الصلاة " لم يوضع بإزاء هذا