الأفراد الصحيحة؟ بل لا يعقل فرض جامع لمرتبة واحدة منها فضلا عن جميع مراتبها المختلفة. والمركب بما هو مركب لا يعقل أن يكون مقولة على حدة، ضرورة اعتبار الوحدة الحقيقية في المقولة، وإلا لم تنحصر المقولات، بل لا يعقل تركب حقيقي بين أفراد مقولة واحدة، فضلا عن مقولات متعددة.
وقد تحصل من ذلك: أنه لا يعقل تصور الجامع الحقيقي البسيط لمرتبة واحدة من الصلاة، فضلا عن جميع مراتبها كما كان الأمر كذلك في الجامع التركيبي.
الخامس: قد ذكرنا سابقا: أن الصحة في المقام بمعنى تمامية الشئ في نفسه، أعني بها: تماميته من حيث الأجزاء والشرائط. وقد تقدم (1): أن الصحة من جهة قصد القربة، أو من جهة عدم النهي، أو المزاحم خارجة عن محل النزاع وغير داخلة في المسمى، فإنه في مرتبة سابقة قد يوجد له مزاحم، وقد يقصد به التقرب، وقد ينهى عنه، ولكن مع ذلك لهذه الأمور دخل في الصحة وفي فعلية الأثر.
فلو كان للصلاة - مثلا - مزاحم واجب، أو أنها نهي عنها، أو لم يقصد بها التقرب لم يترتب عليها الأثر. وعليه فما يترتب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ يقينا، وما وضع له اللفظ ليس إلا ما يكون مقتضيا وقابلا لترتب الأثر عليه، وهذا كما يمكن صدقه على الأفراد الصحيحة يمكن صدقه على الأفراد الفاسدة، لأنها أيضا قد تقع صحيحة بالإضافة إلى شخص أو زمان أو حالة لا محالة.
وعلى الجملة: أن ما يترتب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ قطعا، وما يترتب عليه الأثر بالاقتضاء جامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة جميعا.
وقد تحصل من ذلك: أن ترتب النهي عن الفحشاء والمنكر على الصلوات الصحيحة بالفعل لا يفي بإثبات القول بوضع الألفاظ للجامع بين الأفراد الصحيحة بخصوصها، فإنه سواء أقلنا بذلك القول أم لم نقل فترتبه متوقف على