...
العثور عليه، فارتكب، فإن السببية لا تكون بمعنى صدور الفعل عنه، بل بمعنى دخالته ولو في الجملة، وهي حاصلة في الجاهل الملتفت.
وأما تأييده بلزوم التخصيص مع عدم جوازه، ففيه: - مضافا إلى أن التخصيص لازم على أي حال - [أنه] لا يكون في المقام مانع عن التخصيص، ودعوى إبائه عنه غير مسموعة، ضرورة عدم وجه للإباء، وعدم كون لسانه آبيا عنه، ولا التخصيص مستهجنا.
ومما يستدل به للبراءة حسنة ابن الطيار عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (إن الله احتج على الناس بما اتاهم وعرفهم) (يا). دلت على أن الاحتجاج إنما يكون بإيتاء القدرة والسعة والعقل والفهم، وبتعريف الله أحكامه.
والظاهر أن قوله: (آتاهم) إشارة إلى قوله - تعالى -: (لا يكلف الله نفسا إلا ما اتاها) (يب)، و (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (يج)، كما استدل بهما أبو عبد الله - عليه السلام - في رواية عبد الأعلى لعدم التكليف على المعرفة، وأن على الله البيان، وذلك لعجزهم عنها (يد).
ولا يخفى أن إيتاء السعة والقدرة يكون بالنسبة إلى كل مكلف لإتمام الحجة عليه، ولا يكفي الإيتاء في الجملة للاحتجاج [على] سائر المكلفين، فكذلك العلم والمعرفة، فما لم يعرف الله عبده الحكم لا تتم حجته عليه، فإذا جد واجتهد المكلف، ولم يصل إلى معرفة حكم الله - تعالى - لأسباب لا تكون تحت قدرته، يصدق أنه ما عرفه الله، فلا تتم الحجة عليه، وهو المقصود.
ثم إن هذه الرواية منقولة مع ذيل في الكافي في باب حجج الله على خلقه عن ابن الطيار - هو حمزة بن محمد - عن أبي عبد الله، قال: (قال لي: اكتب، فأملى علي: أن من قولنا: إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا، وأنزل عليهم الكتاب، فأمر فيه ونهى...) إلخ (يه).
وقد يقال: إن الظاهر أن ابن الطيار نقل الرواية مع ذيلها لأبان الأحمر في الثانية، وتقطيعا لجميل في الأولى، فيشكل الاستدلال بها لمكان ذيلها، فإن الظاهر أن إرسال الرسل وإنزال