فمن يترك الشرب بإرادته كمن لا يقدر عادة عليه يستهجن بل يمتنع الخطاب بالنسبة إليه، وهذا واضح لا سترة فيه.
مع أن الالتزام بذلك مما لا يمكن، فلا يجوز أن يقال: إن صرف مصروفية الدواعي عن إتيان المتعلق يوجب استهجان التكليف، والسر في ذلك ما حققناه (1) من أن استهجان الخطاب العمومي غيره في الخطاب الشخصي، ولا ينبغي أن يقاس بينهما، فالخطابات الإلهية بنحو العموم ثابتة وتكون فعلية، كان المكلف جاهلا أو عاجزا أولا، مصروفا عنه داعيه أولا، لكن الجاهل العاجز معذور في تركه.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الخروج عن محل الابتلاء لا يوجب نقصانا في التكليف، ولابد من الخروج عن عهدته بترك ما يكون في محل الابتلاء.
فإن قلت: هذا بالنسبة إلى حكم العقل، فما تقول في الأدلة النقلية والأصول الشرعية كأصلي الطهارة والحلية، فإن جريان الأصل العملي بالنسبة إلى الخارج عن محل الابتلاء مما لا معنى له، ومع عدم جريانه بالنسبة إلى بعض الأطراف يكون جريانه بالنسبة إلى البعض الآخر مما لا مانع منه، لعدم لزوم الإذن في المخالفة القطعية، والإذن في المخالفة الاحتمالية مما لا مانع منه؟!
قلت: أولا: إن عدم جريان الأصول العملية في الخارج عن محل الابتلاء