وظني أن من تأمل فيما ذكرنا حق التأمل يصدقه، ويتضح له أن أصالة عدم التذكية مطلقا مما لا أساس لها.
ويؤيد ما ذكرنا، بل يشهد عليه: ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام -: (أن أمير المؤمنين - عليه السلام - سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها، وفيها سكين.
فقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: يقوم ما فيها ثم يؤكل، لأنه يفسد، وليس له بقاء، فان جاء طالبها غرموا له الثمن.
فقيل: يا أمير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي.
فقال: هم في سعة حتى يعلموا) (1).
فإن التمسك بدليل أصل الإباحة لا يتضح وجهه إلا بما ذكرنا من عدم جريان أصالة عدم التذكية، وإلا فالسفرة إما كانت في أرض المسلمين وقلنا بأماريتها كيد المسلمين للتذكية، وإما لم تكن فيها، أو كانت وقلنا بعدم الأمارية، وعلى أي حال لاوجه للتمسك بأصالة الإباحة في مقابل الأمارة والاستصحاب، وأما مع عدم جريان الاستصحاب فيتضح وجهه.
وكذا يشهد لما ذكرنا بعض الروايات الواردة في باب الجلود، فراجع (2).