لما عرفت من أن عدم التذكية عبارة عن زهوق الروح بغير الكيفية الكذائية، فزهوق الروح جزء مفهوم عدم التذكية - أي الذي هو موضوع حكم الشرع - لا أن زهوق الروح وعدم التذكية جزءان للموضوع كما أفاده رحمه الله تعالى.
إن قلت: ما ذكرت إنما يصح لو كان الموضوع هو الحيوان الذي زهقت روحه بلا كيفية خاصة، أو مسلوبا عنه الكيفية الخاصة، وأما لو كان الموضوع هو الحيوان الذي زهقت روحه ولم ترد عليه الكيفية الخاصة - أي لم يكن نحو القبلة، ولم يكن المسلم ذابحا له، ولم يذكر اسم الله عليه، إلى غير ذلك - فلا، لأن هذه الأمور كلها مسبوقات بالعدم، فبعد زهوق الروح وجدانا، ولم ترد عليه الكيفيات بالأصل، يحرز الموضوع.
قلت: هذا مجرد فرض لاواقع له، فإن الموضوع في التذكية هو الحيوان الذي زهقت روحه بيد المسلم، إلى القبلة، وعن التسمية، وبآلة الحديد، فهذه الأمور أخذت حالات للذبح وزهوق الروح، وعدم المذكى - أي الميتة التي هي الموضوع للحكم - هو الزهوق لا بالكيفيات الخاصة.
وبعبارة أخرى: كل ذلك تقيدات للموضوع المفروض الوجود، أي الزهوق، وليس لواحد منها حالة سابقة. نعم الأعدام المطلقة لها حالة سابقة، لكنها ليست بموضوعة.
ثم لو شككنا في أن الموضوع ما ذكر أو ما ذكرنا أو غير ذلك، لا يجري الأصل، لعدم إحراز الحالة السابقة، ويصير المرجع هو أصالة الحلية والطهارة.