كانت الشبهة لأجل الشبهة المفهومية أولا، ولم يدل دليل على قابلية كل حيوان للتذكية، فهل تجري أصالة عدم القابلية وتحرز الموضوع، أم لا؟
قد يقال بجريانها، وتوضيحه:
أن العارض قد يكون عارض المهية، وقد يكون عارض الوجود، وعلى أي تقدير قد يكون لازما وقد يكون مفارقا، فالعرض اللازم للماهية كزوجية الأربعة، وكون زوايا المثلث مساوية للقائمتين، والمفارق لها كعروض الوجود لماهية الممكن - تأمل - والعرض اللازم للوجود كموجوديته المصدرية، ونوريته، ومنشئيته للآثار، والمفارق كالسواد والبياض العارضين للموجود.
ولا إشكال في أن قابلية الحيوان للتذكية من العوارض اللازمة للوجود أو الموجود، وليست من العوارض اللازمة للماهية، وتكون من العوارض المفارقة للماهية بتبع الوجود كجميع عوارض الوجود.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن الحيوان الكذائي - ونشير إلى مهيته - لم يكن قابلا للتذكية قبل وجوده، ونشك في أنه حين تلبسه به عرض له القابلية لها، أولا، فالأصل عدم عروضها له.
نعم لو كان الموضوع هو الوجود، أو كانت القابلية من لوازم المهية، لم يكن وجه لهذا الاستصحاب، لعدم الحالة السابقة، لكن الموضوع هو المهية، والقابلية عارضة لها بعد وجودها، فهذه المهية قبل تحققها لم تكن متصفة بالقابلية بنحو السالبة المحصلة، والآن كما كانت.