والإرادة، فالعلم مثلا ليس من مقولة الإضافة بل يكون عرضا وكيفا نفسانيا ثابتا لذات العالم (نعم) له نحو إضافة إلى المعلوم الخارجي وان كان معدوما حال العلم، فكذلك الطلب أيضا امر اعتباري يتحقق بانشاء المنشئ واعتباره، غاية الأمران له نحو إضافة إلى المطلوب، ونحو إضافة إلى المطلوب منه، ولكن يكون تقومه بالطالب حيث إنه فعل من أفعاله ويقوم به قياما صدوريا، وما هو المتعلق له أولا وبالذات أيضا هو عنوان الموضوع لا الافراد، الا انه لما لوحظ مرآتا لمصاديقه يصير كل فرد منه بعد وجوده وصيرورته مصداقا له موردا للطلب قهرا، ويكون نحو تعلق الطلب به نحو تعلق العلم بالمعلوم بالعرض كما لا يخفى.
(المقام الثاني) مسألة مخاطبة المعدوم وتوجيه الكلام نحوه (قال في الكفاية ما حاصله): انه لا ريب في عدم امكان خطاب المعدوم بل الغائب حقيقة، ضرورة عدم تحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة الا إذا كان موجودا وكان بحيث يتوجه إلى الكلام ويلتفت إليه، لكن الظاهر أن ما وضع للخطاب مثل أدوات النداء لم يكن موضوعا للخطاب الحقيقي بل للخطاب الايقاعي الانشائي، فالمتكلم ربما يوقعه تحسرا وتأسفا وحزنا مثل أيا كوكبا ما كان اقصر عمره، أو شوقا أو نحو ذلك، (نعم) لا يبعد دعوى الظهور انصرافا في الخطاب الحقيقي كما هو الحال في حروف الاستفهام والترجي والتمني وغيرها على ما حققناه من كونها موضوعة للايقاعي منها بدواعي مختلفة مع ظهورها في الواقعي منها انصرافا إذا لم يكن هناك ما يمنع عنه، كما يمكن دعوى وجوده غالبا في كلام الشارع ضرورة عدم اختصاص الحكم في مثل يا ايها الناس بمن حضر مجلس الخطاب (انتهى).
(أقول): الخطاب كما يستفاد من تتبع موارد استعمالاته العرفية عبارة عن توجيه الكلام نحو الغير بقصد افهام معناه، فمفهوم المخاطبة ينتزع عن كل كلام القى إلى الغير بهذا القصد سواء كان في البين أدوات الخطاب أم لا (نعم) مع استعمال الأدوات كحرف النداء أو كاف الخطاب أو نحوهما يكون الخطاب أوضح وصدق عنوان المخاطبة آكد.
" وبالجملة " ليس مفهوم المخاطبة من المفاهيم الاعتبارية التي يستعمل فيها الألفاظ استعمالا انشائيا، فان الكلام الصادر عن المتكلم مشتمل على ألفاظ مفردة وضع كل منها