(نعم) لما كان الإشارة معنى اندكاكيا فانيا في المشار إليه فلا محالة ينتقل الذهن من لفظة هذا مثلا إلى المشار إليه ويعامل معها معاملة اللفظ الموضوع للمشار إليه فتجعل مبتدء مثلا ويحكم عليها باحكام المشار إليه فيقال مثلا: (هذا قائم) كما يقال زيد قائم (وبالجملة) المبهمات بأجمعها موضوعة للإشارة ومنها الضمائر، فيشار بكاف الخطاب مثلا إلى المخاطب الحاضر، وبضمير الغائب إلى المرجع المتقدم ذكره، وبضمير المتكلم إلى نفس المتكلم، ولا بد في جميع الإشارات من أن يكون للمشار إليه نحو تعين حتى يمكن الإشارة إليه فتعينه في مثل هذا وأمثاله بحضوره، وفي ضمير المتكلم بكونه حاضرا للمخاطب وموردا لتوجهه، وفي ضمير المخاطب بكونه موجها إليه الكلام، وفي ضمير الغائب بسبق ذكره، وفي الموصولات بكون الموصول معروضا لمفاد الصلة وموصوفا به، والداعي إلى وضع المبهمات هو الاختصار أو الفرار من التكرار، حيث إنه لولا الضمير مثلا لاحتاج المتكلم إلى تكرار علم الشخص مرارا، وكيف كان فتعين المشار إليه والمرجع في ضمير الغائب بسبق ذكره، وعلي هذا فلا محيص عن ارجاعه إلى نفس ما تقدم ذكره بماله من المعنى، ولا يصح ارجاعه إلى بعض ما أريد من العام مثلا، إذ لا تعين للبعض (وبالجملة) ارجاع الضمير إلى غير ما أريد من المرجع لا يتمشى احتماله بعد الإحاطة على ما حققناه في بيان معنى الضمائر (وثانيا) انه لا مجال هنا لتوهم المجاز في الاسناد أيضا فان اسناد حكم البعض إلى الكل انما يصح فيما إذا كان العام مجموعيا ولوحظ بين الافراد المتكثرة جهة وحدة اعتبارية كما في قولهم: بنو تميم قتلوا فلانا، فان انتسابهم إلى أب واحد يوجب لحاظهم بنحو الوحدة ويصحح اسناد القتل الصادر عن بعضهم إلى الجميع، واما إذا كان العام افراديا ولوحظ كل فرد منه موضوعا مستقلا فلا مجال لان يسند ما صدر عن بعضهم إلى الجميع، إذ لا مصحح لهذا الاسناد، ففي مثل قوله تعالى: (المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء) قد لو حظ كل واحدة من المطلقات موضوعا مستقلا لوجوب التربص ولم يلحظ مجموع المطلقات موضوعا وحدانيا، فلا مجال لان يسند الحكم في قوله: (وبعولتهن أحق بردهن) إلى الجميع بلحاظ ثبوته لبعضهن.
(وثالثا) انه لا مجال في المقام لتوهم المعارضة بين أصالة الظهور في ناحية العام