(ويرد على الوجه الأول) ان الكتاب وان كان قطعيا بحسب الصدور ولكنه ظني الدلالة، فان الحكم بالعموم انما هو من جهة أصالة التطابق بين الإرادتين كما مر في محله، وليست هي بقطعية، وعلي هذا فرفع اليد عنه بالخبر من قبيل رفع اليد عن المظنون بمثله، بل بالمقطوع به فان الخبر وان كان ظنيا ولكنه ثبت حجيته بالأدلة القطعية، فكما انه إذا قطع بصدور الخبر وجب رفع اليد بسببه عن عموم الكتاب، فكذلك إذا دل الدليل القطعي على وجوب ترتيب آثار الواقع على مفاد الخبر والمعاملة معه معاملة المقطوع به.
(ويرد على الوجه الثاني أولا) انه لم يرد دليل قطعي على عدم جواز نسخ الكتاب به، (وثانيا) انه لو فرض قيام دليل قطعي على عدم جواز نسخه به لم يثبت بذلك عدم جواز التخصيص بسببه.
(وعلى الوجه الثالث) انا لا نسلم ثبوت حجية الخبر بالاجماع بما أنه اجماع، بل عمدة ما دل عليها هو بناء العقلاء وسيرتهم المستمرة على الاحتجاج بالخبر في مقام الاحتجاج واللجاج كما بين الموالى والعبيد، وليس للشارع فيه تأسيس، بل كلما ورد عنه في هذا الباب فليس الا امضاء لطريقة العقلاء. وأول من ادعى الاجماع في المسألة هو الشيخ " قده " في العدة حيث ادعى فيها اجماع الصحابة من زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على العمل بالاخبار الآحاد، (والظاهر) ان مراده بالاجماع ليس إلا استقرار سيرة المسلمين من الصدر الأول عليه ولكن لا بما هم مسلمون ومتدينون بدين الاسلام حتى يستكشف بذلك ورود نص فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكون العمل بالاخبار حكما من احكام الاسلام، بل بما هم عقلاء فيرجع الاجماع المدعى في المسألة إلى سيرة العقلاء طرا على الاحتجاج بها ولم يرد من قبل الشارع ردع عنها إذ لو ورد لنقل لتوفر الدواعي على نقله في مثل المقام (وبالجملة) الدليل على حجية الاخبار سيرة العقلاء، والدليل على حجية العمومات أيضا ليس إلا الأصل العقلائي الحاكم بتطابق الإرادة الجدية للاستعمالية، وبناء العقلاء في الاحتجاجات الثابتة بين الموالى والعبيد قد استقر على تخصيص العام بالدليل الخاص ولو كان من قبيل الاخبار الآحاد.
(ويرد على الوجه الرابع) ان الاخبار المشار إليها تنقسم بحسب المضمون إلى طوائف