حقيقة في صحة تكليف المعدوم (الثاني) ان الخطاب بما هو خطاب أعني به توجيه الكلام نحو الغير سواء كان بأدواته أم لا هل يصح ان يتوجه إلى المعدومين أو لا؟
(الثالث) ان الألفاظ الواقعة عقيب أدوات الخطاب تشمل بعمومها للمعدومين أو تصير الأدوات قرينة على اختصاصها بالحاضرين في مجلس التخاطب؟ والنزاع على الأولين عقلي وعلى الثالث لغوي.
(إذا عرفت هذا فنقول) اما المسألة الأولى فتتصور على وجوه ثلثة: (الأول) تكليف المعدوم بمعنى بعثه وزجره فعلا حين كونه معدوما، وهذا محال بلا اشكال (الثاني) انشاء الطلب منه بلا بعث وزجر فعلا، وهذا القسم لا استحالة فيه أصلا، فان الانشاء خفيف المؤنة، فالحكيم ينشئ على وفق المصلحة طلب شئ قانونا من الموجود والمعدوم حين الخطاب ليصير فعليا بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع (الثالث) انشاء الطلب مقيدا بوجود المكلف ووجد انه للشرائط، وامكان هذا القسم أيضا بمكان من الامكان (انتهى ما أردنا نقله من كلامه).
(أقول): الظاهر أن نظر الباحثين في المسألة والمتنازعين فيها لم يمكن إلى الامر الأول فان عموم التكاليف الشرعية وشمولها اجمالا للمعدومين كان مفروغا عنه بين الفريقين، غاية الامر ان القائل بعدم شمول الخطاب لهم كان يثبت لهم التكليف في ظرف وجودهم بأدلة الاشتراك من الاجماع ونحوه، ولا إلى الامر الثالث لعدم كونه معنونا في كلماتهم، فما هو محط نظر الأصحاب هو الامر الثاني من الأمور الثلثة أعني عموم الخطاب وتوجيه الكلام لمن لم يكن في مجلس التخاطب سواء كان حال التخاطب من الموجودين أو كان معدوما بالكلية وكيف كان فنحن نبحث في مقامين " المقام الأول " مسألة تكليف المعدوم، وملخص الكلام فيها ان التكليف الحقيقي بمعنى البعث والزجر الفعلي بالنسبة إلى المعدوم امر غير معقول، بداهة عدم امكان انبعاثه و انزجاره في حال عدمه، ولم يقل أحد أيضا بجواز تكليفه كذلك، واما انشاء التكليف بالنسبة إليه فان أريد به انشاء الطلب منه في ظرف عدمه بأن يكون في حال العدم موضوعا التكليف الانشائي فهو أيضا غير صحيح، إذ لا يترتب عليه الانبعاث ولا غيره من دواعي الانشاء