إلى قوله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك (البقرة آية 228).
(قال في الكفاية ما حاصله): ان الامر يدور بين احتمالات ثلثة: (الأول) ان يتصرف في العام بان يراد منه خصوص ما أريد من الضمير، وعليه فلا يلزم تصرف في ناحية الضمير.
(الثاني) ان يتصرف في ناحية الضمير بارجاعه إلى بعض ما هو المراد من مرجعه، فيكون من باب المجاز في الكلمة. (الثالث) ان يتصرف فيه بارجاعه إلى تمام ما أريد من المرجع مع التوسع في الاسناد باسناد الحكم (المسند إلى البعض حقيقة) إلى الكل توسعا وتجوزا، فيكون من باب المجاز في الاسناد، وحيث إن المراد في ناحية الضمير معلوم، وانما الشك في كيفية الاستعمال والإرادة وانه على نحو الحقيقة أو المجاز في الكلمة أو في الاسناد، وفي ناحية العام يكون الشك في أصل المراد كانت أصالة الظهور في ناحية العام بلا مزاحم، لان المتيقن من بناء العقلاء هو اتباع الظهور في تعيين المراد لا في تعيين كيفية الاستعمال (انتهى).
" أقول: ويرد عليه أولا " ان احتمال عود الضمير إلى بعض ما أريد من المرجع بحيث يلزم منه المجازية في ناحية الضمير لا يتمشى بعد الإحاطة على معاني الضمائر (بيان ذلك) انك قد عرفت في محله ان الضمائر وأسماء الإشارة والموصولات كلها من واد واحد، وقد وضعت لان يوجد بها الإشارة، فيكون الموضوع له فيها نفس حيثية الإشارة التي هي معنى اندكاكي متوسط بين المشير والمشار إليه ويكون استعمالها في هذا المعنى استعمالا انشائيا، فكما أن الانسان قد يوجد الإشارة بتوجيه إصبعه نحو المشار إليه ويتوهم بذلك بينهما امتداد موهوم، فكذلك ربما يوجدها باستعمال كلمة هذا ونحوها، فكلمة هذا مثلا قد وضعت لان يشار بها إلى المفرد المذكر، وما ذكره بعض الأدباء من كونها موضوعة للمفرد المذكر المشار إليه فاسد جدا، سواء أراد بذلك مفهوم المشار إليه أو حقيقة المشار إليه الخارجي الواقع في طرف الامتداد الموهوم، إذ ليس لنا مع قطع النظر عن لفظة هذا إشارة في البين حتى يتصف المفرد المذكر بكونه مشارا إليه ويستعمل فيه لفظة هذا، فالإشارة توجد بنفس هذا اللفظ، وقد أشار بما ذكرنا محمد بن مالك في ألفيته حيث قال: بذالمفرد مذكر أشر (إلى آخر ما قال).