غير معقول إذ المخاطب في ظرف عدمه لا يقبل الخطاب، وفي ظرف وجوده يكون الخطاب معدوما، وان كان آلة الخطاب ووسيلته من الأمور القارة كالكتابة ونحوها، أو كانت بحسب الذات من الأمور الغير القارة كالألفاظ ولكن كان في البين وسائل لحفظها وحكايتها، فحكاها السامعون لمن بعدهم وهكذا حفظها ووعاها كل واحدة من الطبقات وأداها إلى من بعدها، فمثل هذا الخطاب لا مانع من شموله للمعدومين حال الخطاب بنحو يصير كل فرد منهم بعد ما وجد وصار من مصاديق الموضوع مشمولا للخطاب.
" والخطابات القرآنية " من هذا القبيل فإنها صدرت عن الله تعالى بداعي الافهام و الاعلام ونزلت على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوسيلة جبرائيل وألقاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس بما انها كلمات الله تعالى، ثم انها بقيت بوسيلة النقل والكتابة معا حتى وصلت إلى جميع الناس طبقة بعد طبقة فيكون الجميع مخاطبين بها، كل في زمان وجوده، فقوله (تعالى) مثلا: يا ايها الذين آمنوا كلام القى من الله تعالى إلى الذين آمنوا بداعي افهام ما تضمنه من الحكم الشرعي، والمعدوم حال عدمه ليس مصداقا للمؤمن فلا يشمله الخطاب ولكنه بعد ما وجد وصار مؤمنا يصير من مصاديق ما جعل موضوعا، فيصير ممن أريد افهامه و اعلامه بنفس هذا الخطاب الواصل إليه بسبب النقل والوجود الكتبي، فجميع المؤمنين مخاطبون بنفس هذا الخطاب من قبل الله تعالى، لا من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه أيضا من الوسائط ونسبته تعالى إلى جميع الموجودات في جميع الاعصار على السواء، فكل منهم في ظرف وجوده حاضر لديه وهو (تعالى) محيط بالجميع إحاطة قيومية وعلمية لا يعزب عن علمه مثقال ذرة، وقد أراد بكلامه خطاب الجميع بحيث يتلقى كل منهم في ظرف وجوده كلامه (تعالى) ويفهم مراده ويعمل بمضمونه، كيف! والا يلزم أن لا يكون الحاضرون أيضا مخاطبين بكلام الله تعالى لعدم حضورهم في مرتبة ذاته المقدسة وعدم تلقيهم كلامه تعالى بالوحي، فنسبة الموجودين حال الخطاب إليه تعالى كنسبة الموجودين في الاعصار المتأخرة، وكل منهم قد تلقى خطاباته تعالى في ظرف وجوده بالواسطة، فالجميع مخاطبون بها في ظرف وجودهم ويكون الخطاب بالنسبة إليهم خطابا حقيقيا.
" ومن هذا القبيل أيضا " الخطابات الصادرة عن المصنفين في مؤلفاتهم مثل قولهم: