فالمنشأ هو الطلب على تقدير، واما الانشاء فلا تقييد فيه أصلا. كما يمكن ان يذب عن القول باستحالة تقييد مفاد الهيئة (من جهة كونه جزئيا) بان ما ذكرت مسلم ان أريد ايجاده أولا غير مقيد ثم تقييده بعد الايجاد، واما إذا أنشأ من أول الامر مقيدا فلا اشكال فيه لعدم منافات ذلك لجزئيته وخصوصيته.
(نعم يمكن ان يقال): ان نظر الشيخ (قده) في القول بكون القيود بأجمعها راجعة إلى المادة كان إلى ما ذكرناه سابقا من الفرق بين انشاء الطلب بمثل اضرب وبين انشائه بمثل أطلب وآمر ونحوهما حيث إن مفهوم الطلب ملحوظ في الثاني استقلالا لأنه الموضوع له للفظ بخلاف الأول فإنه لم يوضع لمفهوم الطلب، بل وضع لنسبة الفعل إلى فاعله، والطلب فيه من انحاء الاستعمال وقد تعلق به اللحاظ آليا، (وبعبارة أخرى) قد وضعت الصيغة لنسبة صدور الفعل إلى لفاعل، ولكن المستعمل يلحظ هذا المعنى ويتوجه إليه توجه من يريد شيئا ويطلبه، فالطلب مغفول عنه والملتفت إليه عبارة عما هو الموضوع له، والصيغة لم تستعمل لانشاء الطلب بل هي مستعملة في النسبة الخاصة ويصير طلبا بالحمل الشائع من دون أن يكون الطلب بمفهومه ملحوظا حين الاستعمال (و ح) فلا يعقل تقييده لتوقفه على لحاظ كل من القيد والمقيد فتدبر.
(تكميل اعلم) ان الواجب المشروط على قسمين: (الأول) أن يكون شرط الوجوب متقدما بالنسبة إلى مشروطه أعني الوجوب بمعنى عدم ثبوت الوجوب قبل وجود شرطه مثل وجوب الحج المتأخر ثبوتا عن الاستطاعة.
(الثاني) أن يكون شرط الوجوب امرا متأخرا بالنسبة إلى مشروطه وذلك بان يكون الوجوب متوقفا على امر استقبالي متأخر، مثال ذلك قدرة المكلف التي هي من الشرائط العامة لجميع التكاليف فان القدرة المعتبرة في التكليف ليست هي القدرة حين التكليف لجواز تعلق التكليف بالعاجز حين التكليف القادر حين العمل، بل المراد بالقدرة التي هي من الشرائط العامة هي القدرة حين العمل، ولازم ذلك كون التكليف مشروطا بأمر متأخر بمعنى ان المكلف ان كان يقدر في متن الواقع على العمل في ظرفه فالتكليف ثابت له من أول الامر وان كان لا يقدر حين العمل فليس بثابت له من أول الامر فافهم هذا