في نفس المكلف فلا يعقل أن يكون مشروطا بهما، (وان كان مراده) ان وجوب ذي المقدمة مطلق غير مشروط بإرادته ولكن وجوب المقدمة مشروط، (استشكل عليه) بان وجوب المقدمة (بناء على الملازمة) وجوب ظلي ترشحي لا ينفك من وجوب ذيها بل يكون ثابتا أينما ثبت فهو في الاطلاق والاشتراط تابع لوجوب ذيها. وهذا في البداهة بحيث لا يحتاج إلى البيان.
(ثم إنه) بعد ما ثبت ان وجوب المقدمة غير مشروط بإرادة ذيها بل هو في الاطلاق والاشتراط تابع لوجوبه، فهل الواجب مطلق المقدمة، أو خصوص ما قصد به التوصل إلى ذي المقدمة بحيث يكون هو الداعي إلى اتيانها سواء أوصلت إليه أم لا، أو خصوص ما أوصلت إليه سواء أتى بها بهذا الداعي أم لا، أو خصوص ما قصد بها التوصل وأوصلت؟ في المسألة وجوه، وقد نسب الثاني إلى الشيخ (قدس سره) واختار الثالث صاحب الفصول (ره).
وليس مرادهما ان قصد التوصل أو نفس الايصال شرط للوجوب كما كان صاحب المعالم يقول باشتراط الوجوب بإرادة ذي المقدمة، بل مرادهما ان الوجوب مطلق ولكن الواجب مقيد، فالواجب على قول الشيخ هو المقدمة التي أتى بها بداعي التوصل بها إلى ذيها، وعلى قول صاحب الفصول هو المقدمة التي أوصلت إلى ذيها، وعلى قول المشهور لا يكون الوجوب ولا الواجب مشروطا بشئ.
(وليعلم) ان مقصود الشيخ وصاحبي المعالم والفصول من هذه التفاصيل التي أحدثوها في هذا المقام انما هو تصحيح العبادة التي تكون ضدا لواجب أهم كالصلاة التي تكون ضدا للإزالة، فإنه قد أشكل عليهم الامر في ذلك من جهة توهم ان ترك الضد العبادي مقدمة للواجب الأهم فيكون واجبا ولازم هذا كون فعله حراما وحينئذ فكيف يقع عبادة، فصاحب المعالم حيث اختار اشتراط وجوب المقدمة بإرادة ذيها يقول بصحة الصلاة لوجود الصارف عن الإزالة وعدم ارادتها فلا يكون ترك الصلاة واجبا حتى يحرم فعله وينهى عنه، (هذا) وسيتضح لك في مبحث الضد كلام الشيخ وصاحب الفصول أيضا في تصحيحها فانتظر.
" ولنرجع إلى أصل المطلب فنقول ": القول بكون الواجب عبارة عن المقدمة