بنفسه معنون بعنوان حسن من دون أن يكون لترتب الفائدة دخل في حسنه؟ فإن كان المراد هو الأول نعترض عليه بان هذا الامر يجرى في جميع الواجبات الغيرية أيضا، فان كل واحد منها أيضا يتعنون بالعنوان الحسن من جهة اشتماله على المصلحة المترتبة عليه، و ان كان المراد الثاني نعترض عليه بان هذا يوجب خلاف الفرض فان الفرض انما يكون في الواجبات النفسية التي وجبت لا لذاتها بل من جهة ترتب الفوائد عليها (هذا) مضافا إلى أن هذا خلاف البداهة للزوم أن يكون جميع الواجبات النفسية من المحسنات الذاتية، وهذا واضح الفساد.
(إذا عرفت ما في الكفاية مع ما فيه فنقول): مقتضى التحقيق في الفرق بين الواجب النفسي والغيري هو ان يقال: ان المولى قد يلاحظ الفعل بحدوده وأطرافه فيرى انه محبوب له اما لذاته أو من جهة الفوائد التي تترتب عليه ثم يشتاق لاجل ذلك إلى صدوره عن العبد فيتوجه نظره إلى بعث العبد نحوه ويلاحظ ان البعث نحوه مفيد والمانع عنه مفقود فيحصل له من جميع ذلك شوق مؤكد إلى بعث العبد وتحريكه نحو الفعل فيأمره به حقيقة، فهذا الواجب يسمى بالواجب النفسي، فالواجب النفسي عبارة عما توجه إليه نظر المولى ولاحظه بحدوده وأطرافه ثم بعث العبد نحوه ببعث مستقل.
(واما الواجب الغيرى) (بناء على ثبوته) فهو عبارة عما لم يتوجه إليه بما هو هو بعث مستقل بل المولى لما توجه نظره البعثي إلى ذي المقدمة ورأى أن صدوره عن العبد يتوقف على شئ، صار هذا سببا لتعلق بعث اندكاكي بهذا الشئ بما هو طريق إلى ذي المقدمة و موجب للتمكن من امتثاله، فالبعث نحو المقدمة بعث ظلي يكون بنظر كلا بعث، وبنظر آخر تأكيدا للبعث المتوجه إلى ذيها. (وبعبارة أخرى) التحريك نحو الشئ (بما هو طريق) تحريك نحو ذي الطريق حقيقة بحيث لا يكون نفس الطريق مبعوثا إليه بنظر العقلاء بل المحرك إليه والمبعوث نحوه امر واحد وهو عبارة عن ذي الطريق الواجب بالوجوب النفسي، وهذا من غير فرق بين ان يؤدي بخطاب مستقل أو لا فقول المولى لعبده مثلا ادخل السوق واشتر اللحم لا يرى عند العقلاء الا بعثا واحدا نحو امر واحد وهو اشتراء اللحم، ولنذكر لذلك مثالا وهو انك إذا أردت من عبدك الكون في مكان مخصوص ولو لغرض من