إذ قد عرفت أن المحقق لعبادية المقدمات هو قصد الامر المتعلق بذيها من غير احتياج إلى قصد الامر النفسي أو الغيرى المتعلق بأنفسها، بل الامر الغيرى على فرض ثبوته كلا امر فلا يكفى بنفسه في عبادية متعلقه ما لم يقصد باتيان المتعلق التوصل به إلى ما جعل مقدمة له، وعلي هذا فإذا دل الدليل الشرعي على أن ما هي المقدمة للصلاة هي الطهارة بقصد الامر مثلا فللمكلف اتيانها بقصد الامر الصلاتي من غير توجه إلى أمرها النفسي كما أنه إن لم يكن قاصدا للصلاة كان له اتيانها بقصد الامر النفسي المتعلق بنفسها، ويجوز له بعد تحققها ان يأتي الصلاة معها ويثاب عليها في الصورتين من غير محذور. ولا نقول إن المحقق لعباديتها إذا لم يؤت بها بقصد امرها النفسي هو اتيانها بقصد امرها الغيرى حتى يرد علينا الاعتراض (أولا) بان الامر الغيرى لا قرب في موافقته بما هو امر غيرى.
(وثانيا) بان الامر الغيرى لما كان بملاك المقدمية فلا محالة وجب تعلقه بما هي مقدمة بالحمل الشايع ولا يجوز تعلقه بأوسع من الغرض، وحينئذ فكيف يتعلق بذات الوضوء أو الغسل أو التيمم مع أن المقدمة حسب الفرض هي الوضوء أو الغسل أو التيمم مقيدا باتيانه بداعي الامر حتى يصير عبادة، والعجب من شيخنا الاستاد المحقق الخراساني حيث أورد الاعتراض الثاني مع أن جوابه من أوضح الواضحات، فإنه من الواضحات ان القائل بوجوب المقدمة وترشح الامر الغيرى إليها انما يقول بوجوب كل ما يتوقف عليه الواجب من المقدمات واجزائها واجزاء اجزائها، إذ كل جزء من اجزاء ما هو مقدمة لشئ يصدق عليه انه من مقدمات هذا الشئ ولا محالة يترشح إليه الوجوب الغيرى، فالصلاة مثلا إذا توقفت على الوضوء بداعي الامر فلا محالة تتوقف على ذات الوضوء أيضا لكونها جزء تحليليا للوضوء المقيد بداعوية الامر فتكون ذات الوضوء أيضا واجبة بالوجوب الغيرى فالامر في باب الطهارات أسهل من التعبديات الاخر لا أشكل على ما زعمه (قدس سره) فافهم.
(ثم إن هاهنا نكتة فقهية) يجب ان ينبه عليها وهي انا ان قلنا بان الطهارات إذا لم يؤت بها بقصد امرها النفسي كان المعتبر في عباديتها اتيانها بقصد الامر الغيرى المتعلق بها، فلا محالة كان اللازم ان يؤتى بها بعد دخول أوقات الغايات، إذ قبله لا وجوب