على المولى حينئذ تقييد مفاد الهيئة أعني البعث لوجود المانع عن اطلاقه وهو قصور المكلف عن الانبعاث.
(ومن أمثلة هذا القسم أيضا) الحج المشروط بالاستطاعة فان المشتمل على المصلحة انما هو نفس الحج عن أي شخص صدر ولو من المنسكع، لا الحج المشروط بالاستطاعة ولكنه لما كان البعث إليه مطلقا موجبا للعسر الشديد بل كان موجبا لخروج أكثر المكلفين من ربقة الإطاعة فلا جرم كان على المولى من باب اللطف تخصيص بعثه بمن لا يعسر عليه.
(ومثل ذلك أيضا) الزكاة المشروطة بالنصاب مثلا إذ المشتمل على المصلحة أيضا هو نفس الزكاة لا الزكاة المقيدة بالنصاب، ولكن لما كان البعث إليها مطلقا موجبا للعسر كان على المولى تخصيصه بصورة مالكية النصاب، وهكذا. (وبالجملة) في هذين الموضعين لا مجال لتقييد مفاد المادة إذ الفرض انه باطلاقه مشتمل على المصلحة أو دافع أو رافع للمفسدة.
(إذا عرفت) ما ذكرناه في مقام الثبوت (من صور تقييد الهيئة) فنحن في مقام الاثبات في غنى وكفاية عن الاستدلال، لظهور الجمل الشرطية في تقييد الهيئة كما لا يخفى على من له دراية بالقواعد العربية والاستظهارات العرفية، بل قد عرفت اعتراف الشيخ (ره) أيضا بان مقتضى القواعد العربية ارجاع القيد إلى الهيئة، ووجهه ظاهر، فان الظاهر من قوله: (ان جاءك زيد فأكرمه) تعليق مفاد جملة الجزاء (أعني وجوب اكرام زيد) على مجيئه، وهذا المعنى مما يفهمه أهل العرف من الجمل الشرطية وعليه مدار مخاطباتهم فإنهم كما يحتاجون في مكالماتهم في بعض الأوقات إلى تقييد المادة فقد يحتاجون أيضا إلى تقييد الهيئة لعدم تمكنهم من البعث الفعلي في بعض المقامات. وما ذكر من الاستدلال على عدم جواز تقييد الهيئة شبهات في قبال البداهة، فان المرجع في تشخيص المرادات من الألفاظ المستعملة هو فهم أهل العرف المستعملين لها وهم يفهمون من الجمل الشرطية بالبداهة رجوع القيد فيها إلى الهيئة، (هذا) مضافا إلى أن ما ذكر (من أن الهيئة لا تقبل التقييد من جهة انها وضعت للانشاء وهو امر لا يقبل التقييد) يمكن ان يذب عنه بان الانشاء وان كان لا يقبل ذلك الا ان المراد من ارجاع القيد إلى الهيئة ليس تقييد الانشاء بل تقييد المنشأ