وقد عرفت في مبحث المشتق ان كلما يتصور له أجزاء أو أبعاض فكل جزء أو بعض منه يمكن ان يلحظ بنحو الابهام في التحصل فلا يكون في هذا اللحاظ مغايرا للكل ولسائر الاجزاء أو الأبعاض، ويمكن ان يلحظ تام التحصل فيختلف في هذا اللحاظ مع الكل ومع سائر الاجزاء والأبعاض.
(وبالجملة) ماء الحوض (مع وحدته وبساطته) يمكن ان يعتبر له أبعاض يغاير كل منها مع الكل ومع سائر الأبعاض وان كان المجموع عين الكل، فإذا عرفت حال الواحد الحقيقي فقس عليه الواحد الاعتباري كالصلاة مثلا، فإنها وان كانت عبارة عن متكثرات في الوجود بحيث يمتاز كمل منها من غيره ولكنه قد لوحظت هذه المتكثرات بنظر الوحدة و اعتبرها الآمر موجودا واحدا من جهة اشتمالها على غرض واحد، وكل واحد من هذه المتكثرات جزء وبعض له، ويخالف وجود الكل إذا لوحظ هذا الجزء موجودا بحياله، ويكون وجود هذا الواحد الاعتباري محتاجا إلى وجود هذا الجزء، فيكون الجزء مقدمة من مقدماته.
(والحاصل) ان الجزء الذي يطلق عليه المقدمة هو الذي تألف منه ومن غيره الكل فالكل محتاج والجزء محتاج إليه فتميز المحتاج من المحتاج إليه. (1) (الجهة الثانية) هل المقدمة الداخلية واجبة بالوجوب النفسي الضمني الانبساطي، أو بالوجوب الغيرى، أو بهما معا؟ في المسألة أقوال، أجودها الأول لما مر (في مبحث الصحيح والأعم) من أن الوجوب وان كان واحدا حقيقة، ولكنه يتبعض بتبعض متعلقه، وينبسط على اجزائه: ومرتبة الوجوب النفسي متقدمة على الوجوب الغيرى، لكونه من ترشحاته، وعلى هذا فلا يبقى موضوع للوجوب الغيرى.
(وأردأ الأقوال ثانيها)، إذ الكل ليس الأنفس الاجزاء، فلو فرض كون كل واحد من الاجزاء واجبا بالوجوب الغيرى فقط لم يبق موضوع للوجوب النفسي حتى يترشح