منه الواجبات الغيرية.
(ومن التقسيمات) (التي ذكروها أيضا للمقدمة) انها اما عقلية ان امتنع وجود ذي المقدمة بدونها عقلا كالعلة بالنسبة إلى المعلول، واما شرعية ان امتنع وجوده بدونها شرعا كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، واما عادية ان امتنع وجوده بدونها عادة كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود.
(أقول): الظاهر رجوع الأخيرين أيضا إلى الأول، (اما الشرعية) فلان امتناع وجود شئ بدون شئ آخر (الذي هو ملاك المقدمية) ليس امرا قابلا للجعل، بان يكون الصلاة مثلا بما لها من الآثار والغايات في نفس الامر امرا يتحقق بحسب الواقع بدون الطهارة أيضا ومع ذلك يحكم الشارع تعبدا بامتناع وجودها بدونها، وعلى هذا فحكم الشارع بامتناع الصلاة بدون الطهارة مثلا اما من جهة انه اخذها قيدا للصلاة حين الامر بها، لدخالة لها في المصلحة المترقبة منها، واما من جهة ان عنوان الصلاة كانت بحسب الواقع عنوانا بسيطا تنتزع عن الأفعال المخصوصة، وكان انطباقها عليها في نفس الامر متوقفا على الطهارة فكشف الشارع عن ذلك، وعلى كلا الوجهين تكون دخالة الطهارة عقلية، اما على الثاني فواضح، واما على الأول فلان استحالة وجود المقيد بدون قيده تكون عقلية.
(واما) رجوع المقدمة العادية إلى المقدمات العقلية فلان نصب السلم مثلا من المقدمات العقلية للصعود بالنسبة إلى من لا يقدر على الطيران وأمثاله، لامتناع وجوده بدونه بالنسبة إلى هذا الشخص، ولا مقدمية له أصلا بالنسبة إلى من يقدر على الطيران أو غيره (ومن التقسيمات أيضا) تقسيمها إلى مقدمة الوجود، ومقدمة الصحة، ومقدمة الوجوب، ومقدمة العلم. (ولا يخفى) رجوع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود، اما على الصحيحي فواضح، واما على القول بكون الأسامي موضوعة للأعم فلان الكلام في مقدمات ما هو الواجب والمأمور به وهو أخص من الموضوع له. (ولا اشكال) أيضا في خروج مقدمة الوجوب من محل النزاع، إذ المقدمة التي يتوقف عليها الوجوب، قبل وجودها لا وجوب لذيها حتى يترشح منه إليها، وبعد وجودها لا معنى لوجوبها.
(واما مقدمة العلم) فهي أيضا خارجة من محل النزاع، لعدم كونها ذيها (أعني العلم)