اعتبارية وانتزاعية فلا محالة يمكن دخالة أمور متأخرة في اعتبارها وانتزاعها، وليس معنى ذلك الا ان للحاظ هذه الأمور دخلا في اعتبارها، فالملكية مثلا انما يعتبرها الشارع والعقلاء بعد لحاظهم تحقق الإجازة ولو في زمان متأخر.
(واما شرائط المأمور به) فمعنى كون شئ شرطا له ليس إلا كونه دخيلا في صيرورة المأمور به معنونا بعنوان، به يكون حسنا ومتعلقا للإرادة، وكما يمكن ان يصير الشئ بسبب اضافته إلى امر مقارن معنونا بعنوان حسن، فكذلك يمكن ان يصير بسبب اضافته إلى امر متقدم أو متأخر معنونا فعلا بعنوان حسن موجب لإرادته والامر به، فمن يمشي بقصد استقبال زيد مثلا انما ينطبق على مشيه عنوان الاستقبال فعلا إذا كان بحسب الواقع يتحقق مجئ زيد في الغد. واختلاف العناوين باختلاف الإضافات كاختلاف الحسن والقبح باختلاف العناوين مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه. (انتهى) (أقول): الأولى ان نذكر لتنقيح المقام مقدمة لا تخلو بنفسها من الفائدة، وهي ان الأصوليين قسموا المقدمة بتقسيم آخر إلى السبب والشرط والمعد وعدم المانع، و قالوا في تعاريفها: ان السبب ما يلزم عن عدمه العدم ومن وجوده الوجود، والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، والمعد ما يلزم من عدمه ووجوده الوجود، والمانع ما يلزم من وجوده العدم.
(وبعبارة أخرى) ما توقف عليه الشئ اما أن يكون مؤثرا في وجود المتوقف و يكون منه وجوده، واما أن يكون مؤثرا في قابلية المتوقف للوجود لا في أصل وجوده فالأول هو السبب، والثاني اما أن يكون امرا وجوديا فهو الشرط، أو عدميا فعدم المانع، أو مركبا منهما فهو المعد، هذا ما قالوه.
(والظاهر) وجود التنافي بين تعريفي السبب، فان ما منه الوجود (كما في التعريف الثاني) هو المقتضى، وهو لا يلزم من وجوده الوجود وان كان يلزم من عدمه العدم، وما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم (كما في التعريف الأول) هو العلة التامة، وهي ليست بجميع اجزائها مؤثرة في الوجود وفاعلة له وانما المؤثر هو المقتضى فقط. اللهم الا ان يراد من السبب المقتضى فقط ولكن لا مطلقا، بل في ظرف وجود الشرط وعدم المانع فينطبق عليه التعريفان