وهيهنا أمور يجب ان ينبه عليها (الأول) ان في عد عدم المانع من المقدمات نحو مسامحة، ومثله العدم الذي هو جزء من المعد، فان العدم بما هو عدم لا يؤثر ولا يتأثر، ولكنهم لما رأوا ان وجود بعض الأشياء يدفع تأثير المقتضى سامحوا فعدوا عدمه من المقدمات، وكذلك العدم في المعد فإنهم حيث رأوا ان الجزء الأول من الحركة ما لم ينعدم لم يوجد الجزء الاخر الموصل إلى المقصود، فلا محالة ألجأهم ذلك إلى عد عدمه من المقدمات.
(الثاني) لا يبعد ان يقال بكون المعد من أقسام الشرط، فان الشئ الوجودي المؤثر في قابلية شئ آخر للوجود اما أن يكون من الأمور المتصرمة واما أن لا يكون كذلك، فاصطلحوا على تسمية القسم الأول معدا وذلك كالحركة (أي نحو منها كانت)، فان حركة الثمرات مثلا من أول كونها في الاكمام إلى زمن ايناعها بالحركة الكمية أو الكيفية أو نحوهما أيضا من المعدات للمرتبة الأخيرة.
(الثالث) ان تقسيمهم للمقدمة لما كان في مبحث اثبات الوجوب لها، فمن أجل ذلك مثلوا للمقدمة السببية بالفعل الاختياري الذي يتولد منه قهرا فعل آخر مثل حركة اليد المولدة لحركة المفتاح، فان الفعل الغير الاختياري لا معنى للبحث عن وجوبه.
(الرابع) ان الصادر عن الفاعل في الأفعال التوليدية هل هو فعل واحدا وفعلان؟
(يمكن ان يقال): انه فعل واحد لصدور السبب والمسبب عن إرادة واحدة سواء تعلقت بالسبب كما إذا أراد تحريك يده من غير التفات إلى كون المفتاح في يده فتحرك بتبعها، أو تعلقت بالمسبب كما إذا أراد تحريك المفتاح من غير التفات تفصيلي إلى حركة اليد، وعلى هذا فلا مجال للبحث عن الوجوب المقدمي في الأفعال التوليدية، لتوقفه على كون المقدمة وذيها فعلين حتى يترشح الوجوب من الثاني إلى الأول.
(ويمكن ان يقال أيضا): ان الصادر عنه فعلان، فان الحركة القائمة باليد امر موجود مغاير للحركة القائمة بالمفتاح، وتعدد الوجود مساوق لتعدد الايجاد والاصدار، لكون الايجاد عين الوجود، وتغايرهما بالاعتبار، فان الوجود الواحد إذا نسب إلى القابل سمى وجودا، وإذا نسب إلى الفاعل سمى ايجادا، وذلك لوضوح انه ليس سوى وجود العلة