ثانوي، فينازع حينئذ في كفاية امتثال أحدهما عن امتثال الاخر، مع أن الامر في التكاليف الاضطرارية ليس كذلك، على أنه لو كان الامر كذلك لم يكن معنى لكفاية امتثال امر عن امر آخر، إذ كل امر وتكليف يقتضى امتثالا على حدة، وانما المتحقق في التكاليف الاضطرارية الثابتة في شرعنا ان يتوجه امر واحد من الشارع متعلقا بطبيعة واحدة مثل الصلاة متوجها إلى جميع المكلفين غاية الامر ان الأدلة الشرعية دلت على اختلاف افراد هذه الطبيعة باختلاف الحالات الطارية على المكلفين، وان كل واحد منهم قد وجب عليه ايجاد هذه الطبيعة في ضمن ما هو فرد لها بحسب حاله، مثلا الأدلة الشرعية دلت على أن الناس كلهم من القادر والعاجز والصحيح والسقيم وواجد الماء وفاقده مكلفون باتيان الصلوات الخمس في أوقاتها ومندرجون تحت قوله تعالى (أقيموا الصلاة)، وما وجب على كل واحد منهم في هذا المقام هو ايجاد طبيعة الصلاة لا غير.
غاية الامر دلالة الأدلة الاخر على أن الصلاة في حق واجد الماء مثلا عبارة عن الأفعال المخصوصة مقرونة بالطهارة المائية، وان الصلاة في حق فاقده عبارة عن هذه الأفعال مقرونة بالطهارة الترابية، وكذلك الصلاة في حق القادر على القيام مشروطة بالقيام وفي حق العاجز عنه مشروطة بالعقود مثلا.
وبالجملة المستفاد من الأدلة ان فاقد الماء أيضا مثل واجده في أن المتوجه إليه امر واحد، وهو قوله (أقيموا الصلاة) ولم يتوجه إليه امران (واقعي أولى وواقعي ثانوي) حتى ينازع في كفاية امتثال أحدهما عن الاخر، ولم يكلف أيضا بايجاد فردين من طبيعة واحدة حتى نبحث في كفاية الفرد الاضطراري عن الفرد الاختياري، بل الذي وجب عليه هو ايجاد طبيعة الصلاة المأمور بها بايجاد فرد منها.
غاية ما في الباب ان فرد الصلاة بالنسبة إلى الفاقد هو الصلاة مع التيمم كما أن الصلاة في حال العقود أو الاضطجاع أو المشي أو الركوب أيضا فرد للطبيعة المأمور بها بقوله:
(أقيموا الصلاة) ولكن بالنسبة إلى العاجز عن القيام أو عنه وعن القعود أو عن الاستقرار.
وعلي هذا فإذا أتى كل واحد من المكلفين ما هو مقتضى وظيفته فقد أوجد الطبيعة المأمور بها وامتثل قوله (تعالى) (أقيموا الصلاة) ولازم ذلك هو الاجزاء وسقوط الامر قهرا