إذ لا يعقل بقاء الامر بعد اتيان متعلقه.
وما توهم من كون لفظ الصلاة مثلا موضوعا في الشرع لصلاة الكامل المختار، و كون صلوات المضطرين ابدالا لها جعلها الله ابدا لا ما دام الاضطرار، ولازم ذلك وجوب قضاء ما فات بعد زوال الاضطرار، واضح البطلان لمن راجع الاخبار والقرآن، لظهورها بل صراحتها في أن ما كلف به المضطر أيضا فرد من الصلاة المأمور بها بقوله (أقيموا الصلاة) لا انه ليس فردا منها وجعل بدلا منها، فانظر إلى قوله (تعالى) في سورة المائدة (آية 8 و 9) حتى يظهر لك صحة ما قلناه قال (تبارك اسمه) يا ايها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق (إلى أن قال) فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا (الآية).
فالآية سبقت لبيان ما به يحصل الطهارة التي هي من شرائط طبيعة الصلاة التي امر بها كل واحد من افراد الناس، وقد بين فيها اختلاف ما هو المحصل لها باختلاف حالات المكلفين.
فصلوة واجد الماء وفاقده كلتاهما من افراد طبيعة الصلاة الا انها بالنسبة إلى الأول مشروطة بالطهارة المائية، وبالنسبة إلى الثاني مشروطة بالطهارة الترابية (واللام) في قوله (إذا قمتم إلى الصلاة) قد أشير بها إلى تلك الطبيعة المعدة من ضروريات الدين المكلف بها كل واحد من افراد الناس.
(ونظير) هذه الآية (آية 239 و 240 من سورة البقرة) قال عز من قائل: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فان خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون.
(والحاصل) ان كل واحد من المكلفين من المختار والمضطر بأقسامه لم يكلف الا بايجاد طبيعة الصلاة وإذا أوجدها سقط الامر المتعلق بها قهرا، الا ان الطبيعة المأمور بها طبيعة مجهولة لا تتعين الا بتعيين شارعها، وقد قامت الأدلة الشرعية على أن صلاة المختار هكذا وصلاة المضطر هكذا، وما وجب على كل مكلف انما هو اتيان ما هو فرد للصلاة بحسب حاله وباتيانه يسقط الامر بالصلاة قهرا ولم يتوجه إلى المضطر امران حتى يقع البحث في كفاية امتثال أحدهما عن الاخر (1) ولو فرض ان المتوجه إليه امران