ما لم يوجد في نفسه احدى الدواعي الخمسة المذكورة أو غيرها من الدواعي القلبية المقتضية للإطاعة كما يشاهد ذلك في الكفار والعصاة. (نعم) هنا شئ آخر وهو انه بعد أن ثبت للعبد احدى الملكات القلبية المقتضية لإطاعة المولى وصار نفسه باعتبار ذلك منتظرا لصدور الامر عن المولى حتى يوافقه ويمتثله، يكون لصدور الامر عن المولى أيضا دخالة في تحقق الإطاعة والموافقة، فإنه المحقق لموضوع الطاعة ويصير بمنزلة الصغرى لتلك الكبريات فالداعي حالة بسيطة موجودة في النفس مقتضية للإطاعة بنحو الاجمال والامر محقق لموضوعها وموجب لتحريك الداعي القلبي وتأثيره في تحقق متعلقه، وما هو الملاك في عبادية العمل ومقربيته إلى ساحة المولى هو صدوره عن احدى هذه الدواعي والملكات الحسنة، وليس للامر بما هو امر تأثير في مقربية العمل أصلا فان المحقق لعبادية العمل هو صدوره عن داع الهى قد عرفت أن ما هو الداعي حقيقة عبارة عن الملكة القلبية، نعم يمكن بنحو المسامحة تسمية الامر أيضا داعيا من جهة دخالته في تحقق الطاعة عمن وجد في نفسه احدى الملكات القلبية وما ذكرنا واضح لمن له أدنى تأمل. (1) (المقدمة الثانية) لا اشكال في أن الامر المتعلق بشئ كما يكون داعيا إلى ايجاد نفس ذلك الشئ كذلك يكون داعيا إلى ايجاد اجزائه الخارجية والعقلية ومقدماته الخارجية فان العبد الذي وجد في نفسه احدى الدواعي القلبية التي أشرنا إليها وصار باعتبار ذلك
(١٠٥)