وبذلك يظهر تقرير التسلسل أيضا:
(بل يمكن ان يقال): ان المحذور في مثل داعى الحسن ونظائره أشد من المحذور في داعى الامر، فان الاشكال في باب داعى الامر كان ممكن الدفع عندهم بالالتزام بوجود امرين، تعلق أحدهما بذات الفعل والاخر باتيان الفعل بداعي الامر الأول كما سيأتي بيانه، واما اشكال داعى الحسن وأمثاله فلا يدفع بذلك، وذلك لان الامر لما كان من الأفعال الاختيارية للآمر كان لاحد أن يقول بصدور امرين عنه، تعلق أحدهما بأعم مما يحصل الغرض أعني ذات الفعل، والاخر بما يساويه أعني المقيد بداعي الامر، ولكن الحسن والمحبوبية انما يتحققان فيما يحصل الغرض ولا يعقل تحققهما في أعم منه.
(وقد تلخص مما ذكرنا) ان الوجوه التي ذكروها لامتناع اخذ قصد الامر في المأمور به يرجع بعضها إلى الامتناع في مقام الامر وبعضها إلى الامتناع في مقام الامتثال، وقد ظهر الجواب عن القسم الأول فعمدة الاشكال في الباب هي الاشكال في مرحلة الامتثال وهو الحقيق بان يتصدى للجواب عنه.
(وقد تفصى) بعضهم عن الاشكال بالالتزام بوجود أمرين تعلق أحدهما بذات الفعل، والآخر باتيانه بداعي الامر الأول. (وفيه) ان المفروض ان ذات الفعل لا تشتمل على المصلحة والغرض، فالامر المتعلق بها امر صوري لا جدي و (ح) فكيف يتقرب بامتثاله مع العلم بعدم كون متعلقه محبوبا للمولى.
(وقد تصدى في الدرر) لدفع الاشكال بوجهين آخرين (الأول) (ما حاصله) ان المعتبر في العبادات ليس قصد إطاعة الامر، وانما المعتبر فهيا وقوع الفعل بنحو يصير مقربا وهذا لا يتوقف على الامر، (بيان ذلك) ان الأفعال على قسمين (أحدهما) ما ليس للقصد دخل في تحققه وصدقه عنوانه عليه بل لو صدر عن الغافل أيضا لصدق عليه عنوانه (وثانيهما) ما يكون قوامه بالقصد كالتعظيم والإهانة وأمثالهما. ثم إنه لا اشكال في أن تعظيم المولى بما هو اهل له وكذلك مدحه بما يليق به حسنان عقلا ومقربان إليه بالذات من غير احتياج في مقربيتهما إلى الامر بهما، ولا اشكال أيضا في أن اختلاف خصوصيات المعظم والمعظم والمادح والممدوح موجب لاختلافهما، فقد يكون تعظيم شخص بالسلام عليه، وقد يكون بتقبيل