المطلوب لكن لما لم يوجد في الخارج الا بداعي الامر، لعدم امكان خلو الفاعل المختار عن كل داع، يصح تعلق الطلب به لاتحاده خارجا مع المطلوب الحقيقي، وليس هذا الامر صوريا بل هو امر حقيقي، لما عرفت من اتحاد متعلقه في الخارج مع المطلوب الأصلي، نعم يبقى اشكال عدم القدرة وقد عرفت أنه يكفى حصول القدرة بنفس الامر. (انتهى الوجهان المذكوران في الدرر).
(وفي كليهما نظر اما الأول) فلان قصد عنوان الفعل ان كان كافيا بلا احتياج إلى قصد حصول القربة كان حاصل ذلك عدم اشتراط قصد القربة في حصول العبادة وهذا مخالف لضرورة الدين واجماع المسلمين، وإن لم يكن كافيا عاد محذور الدور.
(واما الثاني) فلان ما ذكر صرف تصوير في مقام الثبوت، ضرورة انه ليس لنا في واحد من العبادات ما يستفاد منه اعتبار قيدين بحسب الواقع بنحو التركيب وتعلق الطلب ظاهرا بالمقيد بعدم الدواعي النفسانية، بل الذي دل عليه الأدلة الشرعية هو لزوم صدور الفعل عن داع الهى. (وبالجملة) ما ذكروه في مقام الجواب لا يغنى عن جوع فالأولى ان نتعرض لما هو الحق في الجواب ويتوقف بيانه على ذكر مقدمات (المقدمة الأولى) ما هو الداعي حقيقة إلى طاعة المولى واتيان ما امر به، امر قلبي راسخ في نفس العبد يختلف بحسب تفاوت درجات العبيد واختلاف حالاتهم وملكاتهم، فمنهم من رسخ في قلبه محبة المولى والعشق إليه وباعتبار ذلك يصدر عنه وعن جوارحه جميع ما أحبه المولى وجميع ما أمر به. وبعضهم ممن وجد في قلبه ملكة الشكر وصار بحسب ذاته عبدا شكورا وباعتبار هذه الملكة يصدر عنه إطاعة أوامر المولى لاجل كونها من مصاديق الشكر، ومنهم من وجد في قلبه ملكة الخوف من عقاب المولى، أو ملكة الشوق إلى ثوابه ورضوانه، أو رسخ في نفسه عظمة المولى وجلاله وكبريائه فصار مقهورا في جنب عظمته وباعتبار هذه الملكة القلبية صار مطيعا لأوامر مولاه.
(وبالجملة) ما يصير داعيا للعبد ومحركا إياه نحو إطاعة المولى هو احدى هذه الملكات الخمسة النفسانية وغيرها من الملكات الراسخة، وعلى هذا فما اشتهر من تسمية الامر الصادر عن المولى داعيا فاسد جدا، ضرورة ان صرف الامر لا يصير داعيا ومحركا للعبد