بصدد إطاعة أوامر المولى، كما يوجد متعلق الامر بداعي الامر المتعلق به بالمعنى الذي يتصور لداعوية الامر، كذلك يوجد مقدماته بنفس هذا الداعي من دون ان ينتظر في ذلك تعلق امر بها على حدة، ويكفى في عباديتها ومقربيتها أيضا قصد إطاعة الامر المتعلق بذيها لكونها في طريق إطاعة الامر المتعلق به، ولا نحتاج في عبادية الاجزاء والمقدمات إلى تعلق امر نفسي أو غيرى بها، فان لم نقل بوجوب المقدمة تبعا لذيها ولم يتعلق بها امر نفسي أيضا، لكفى في عباديتها قصد الامر المتعلق بذيها، بل لو قلنا بوجوب المقدمة وتعلق امر غيرى بها أمكن ان يقال أيضا بعدم كفاية قصده في عبادية متعلقه لعدم كونه امرا حقيقيا بل هو نحو من الامر يساوق وجوده العدم.
(والحاصل) ان ما اشتهر من أن الامر لا يدعو الا إلى متعلقه فاسد فان الامر كما يدعو إلى متعلقه يدعو إلى جميع ما يتوقف عليه المتعلق أيضا، والمحقق لعباديتها و مقربيتها أيضا نفس الامر المتعلق بذيها، والسر في ذلك أن الداعي الحقيقي على ما عرفت ليس عبارة عن الامر، بل هو عبارة عن الملكة الراسخة النفسانية الداعية إلى الطاعة بنحو الاجمال، والامر محقق لموضوعها من جهة انها تتوقف على وجود الامر خارجا، (و ح) فإذا صدر الامر عن المولى متعلقا بشئ له مقدمات فذلك الداعي القلبي بوحدته وبساطته يوجب تحرك عضلات العبد نحو ايجاد متعلق الامر بجميع ما يتوقف عليه، و كل ما صدر عن احدى هذه الملكات الحسنة فهو مما يقرب العبد إلى ساحة المولى من غير فرق في ذلك بين نفس متعلق الامر وبين اجزائه ومقدماته الوجودية والعلمية، (المقدمة الثالثة) ان دخالة شئ في المأمور به على انحاء، (فتارة) من جهة انه اخذ فيه بنحو الجزئية، (وأخرى) من جهة اخذه بنحو القيدية بحيث يكون التقيد داخلا والقيد خارجا، (وثالثة) من جهة دخالته في انطباق عنوان المأمور به على معنونه بان يكون المأمور به عنوانا بسيطا ينطبق على مجموع أمور متشتتة، ويكون هذا الشئ دخيلا في انطباق هذا العنوان البسيط على هذه الأمور بحيث لولاه لم ينطبق عليها، وبعبارة أخرى يكون هذا الشئ من مقدماته الوجودية، (إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم) انا نذكر في المقام جملة من كلام شيخنا الاستاد صاحب الكفاية (طاب ثراه) ثم نذيله بما هو الحق المحق