(ثم اعلم) ان القدماء من علمائنا إلى زمن الشيخ الأنصاري (قده) كانوا يعدون قصد القربة في العبادات في عداد سائر شرائط المأمور واجزائه من غير تعرض لورود اشكال في المقام، ولكن الشيخ (قده) استشكل في امكان ان يؤخذ قصد القربة ببعض معانيه في المأمور به (وحاصل ما ذكره): ان القيود والحالات الطارية على المأمور به على نحوين، (فبعضها) مما يمكن ان يتصف به المأمور به مع قطع النظر عن وقوعه تحت الامر ككونه صادرا عن سبب خاص أو في زمان خاص أو في مكان خاص ونحو ذلك، فهذه القيود مما يمكن ان يتعلق بها الامر، (وبعضها) مما لا يتصف به المأمور به الا بعد وقوعه تحت الامر و صيرورته مأمورا به ككونه واجبا ومستحبا أو صادرا بقصد امره ونحو ذلك. وهذه القيود مما لا يمكن اخذها في المأمور به لتأخرها عن الامر به فكيف تصير تحت امر (انتهى) (وقد أرسل) تلامذة الشيخ ومن بعدهم عدم جواز اخذ القربة (بمعنى الامتثال وقصد الامر) في المأمور به إرسال المسلمات وتصدى كل واحد منهم للاستدلال على هذا الامر المسلم عندهم. (والوجوه) التي ذكروها يرجع مفاد بعضها إلى الامتناع في مقام الامر والتكليف، ومفاد بعضها إلى الامتناع في مقام الامتثال (اما القسم الأول فمنها) ان الامر يتوقف على تحقق موضوعه بتمام اجزائه توقف العرض على معروضه، فلو كان قصد الامر مأخوذا في الموضوع لزم الدور لعدم تحقق الموضوع بتمام اجزائه (التي منها قصد الامر) الا بعد ثبوت الامر، فالامر يتوقف على الموضوع، والموضوع على الامر.
(ومنها) ان الامر يتوقف على كون متعلقه مقدورا للمكلف، والقدرة على العمل المقيد بقصد الامر تتوقف على ثبوت الامر، فالامر يتوقف على القدرة، والقدرة على الامر، وهذا دور واضح.
(ومنها) ان الآمر حين امره يتصور المأمور به استقلالا والامر المتعلق به آلة كما مر في الايقاظ السابق فلو كان قصد الامر مأخوذا في المأمور به لزم بالنسبة إلى هذا الجزء اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي.