الروشن في خلوة، فنزلت لأنام، فسألت الله زيادة كشف في المنام تلك الليلة أراه أنا، فرأيت كأن مولانا الصادق (عليه السلام) قد جاءني بهدية عظيمة وهي عندي وكأنني ما أعرف قدرها، فاستيقظت وحمدت الله وصعدت الروشن لصلاة نافلة الليل في تلك الليلة - وهي ليلة السبت ثامن عشر جمادى الآخرة - فأصعد فتح (1) الإبريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة، فقلت: لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه، فإن لله جل جلاله علي عوائد كثيرة، أحدها مثل هذا وأعرفها، فناديت: إلي فتح! وقلت له من أين ملأت الإبريق؟ قال: من المسيبة، فقلت: هذا لعله نجس فاقلبه واشطفه واملأه من الشط، فمضى وقلبه وأنا أسمع صوت الإبريق وشطفه وملأه من الشط فجاء به، فلزمت عروته وشرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق وأداره عني ومنعني منه، فعدت صبرت ودعوت بدعوات وعاودت الإبريق فجرى مثل ذلك، فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل في تلك الليلة وقلت في خاطري: لعل الله يريد أن يجري علي حكما وابتلاء غدا ولا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك وجلست لا يخطر بقلبي غير ذلك، فنمت وأنا جالس وإذا برجل يقول لي: هذا - يعني عبد المحسن الذي جاء بالرسالة - كان ينبغي أن تمشي بين يديه، فاستيقظت ووقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه وإكرامه، فتبت إلى الله جل جلاله واعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، وشرعت في الطهارة فلم يمسك أحد الإبريق وتركت على عادتي فتطهرت وصليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل وفهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة. فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن وتلقيته وأكرمته وأخذت له من خاصتي ست دنانير ومن غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كما لي وخلوت به في الروشن وعرضت ذلك عليه واعتذرت إليه، فامتنع قبول شيء أصلا وقال: إن معي نحو مائة دينار وما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير، وامتنع غاية
(٨٩)