كالكذب والظلم، أو حسن كالإنصاف والصدق. ثم كل واحد من هذه كما يكون ضروريا قد يكون كسبيا كرد الوديعة مع الضرر وقبح الكذب مع النفع.
وأما الاستصحاب فأقسامه ثلاثة:
استصحاب حال العقل وهو التمسك بالبراءة الأصلية كما تقول ليس الوتر واجبا، لأن الأصل براءة العهدة. ومنه أن يختلف الفقهاء في حكم بالأقل والأكثر فيقتصر على الأقل، كما يقول بعض الأصحاب: في عين الدابة نصف قيمتها، ويقول الآخر: ربع قيمتها، فيقول المستدل: ثبت الربع إجماعا فينتفي الزائد نظرا إلى البراءة الأصلية.
الثاني: أن يقال: عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه، وهذا يصح فيما يعلم أنه لو كان هناك دليل لظفر به، أما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف ولا يكون ذلك الاستدلال حجة. ومنه القول بالإباحة لعدم دليل الوجوب والحظر.
الثالث: استصحاب حال الشرع كالمتيمم يجد الماء في أثناء الصلاة، فيقول المستدل على الاستمرار: صلاة مشروعة قبل وجود الماء فيكون كذلك بعده. وليس هذا حجة لأن شرعيتها بشرط عدم الماء لا يستلزم الشرعية معه. ثم مثل هذا لا يسلم عن المعارضة بمثله، لأ نك تقول: الذمة مشغولة قبل الإتمام فتكون مشغولة بعده.
وأما القياس: فلا يعتمد عليه عندنا، لعدم اليقين بثمرته فيكون العمل به عملا بالظن المنهي عنه. ودعوى الإجماع من الصحابة على العمل به لم يثبت بل أنكره جماعة منهم، فما يمر بك من تمثيل شيء بشيء فليس بقياس، لأن أحدهما مقيس على الآخر، بل لاشتراكهما في الدلالة الشرعية لا القياسية (1) انتهى كلامه (رحمه الله).
وذكر سائر المتأخرين قريبا مما نقلناه عن جماعة منهم، واكتفينا بما رويناه روما للاختصار.
وذكر أول مشايخي في علمي الحديث والرجال - وتشرفت بالاستفادة وأخذ